روى الشبلنجي أن رجلا أتى عمر بن الخطاب ( رض ) وكان صدر منه أنه قال لجماعة من الناس ، وقد سألوه كيف أصبحت ؟ قال : أصبحت أحب الفتنة ، وأكره الحق ، وأصدق اليهود والنصارى ، وأومن بما لم أره ، وأقر بما لم يخلق ، فأرسل عمر إلى علي ( رضي الله عنه ) ، فلما جائه أخبره بمقالة الرجل . فقال : صدق ، يحب الفتنة قال الله تعالى ( إنما أموالكم وأولادكم فتنة ) [1] . ويكره الحق ، يعني الموت ، قال الله تعالى ( وجاءت سكرة الموت بالحق ) [2] . ويصدق اليهود والنصارى ، قال الله تعالى : ( وقالت اليهود ليست النصارى على شئ ، وقالت النصارى ليست اليهود على شئ ) [3] ويؤمن بما لم يره ، يؤمن بالله عز وجل ، ويقر بما لم يخلق ، يعني الساعة . فقال عمر ( رض ) : أعوذ بالله من معضلة لا علي بها [4] . وذكر تحت عنوان ( نادرة ) أن رجلا تزوج بخنثى لها فرج كفرج النساء ، وفرج كفرج الرجال ، وأصدقها جارية كانت له ، ودخل بالخنثى وأصابها فحملت منه ، وجاءت بولد ، ثم إن الخنثى وطئت الجارية التي أصدقها لها الرجل فحملت منه الجارية بولد ، فاشتهرت قصتهما ، ورفع أمرهما إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) ، فسأل عن حال الخنثى فأخبر أنها تحيض ، وتطأ وتوطأ ، وتمني من الجانبين ، وقد حبلت وأحبلت . فصار الناس متحيري الأفهام في جوابها ، وكيف الطريق إلى حكم قضاءها وفصل خطابها . فاستدعى علي ( رضي الله عنه ) غلاميه ، وأمرهما أن يذهبا إلى هذه الخنثى ، ويعدا أضلاعها من الجانبين إن كانت متساوية فهي امرأة ، وإن كان الجانب الأيسر أنقص من الجانب الأيمن بضلع واحد فهو رجل .
[1] سورة الأنفال آية 28 . [2] سورة ق آية 19 . [3] سورة البقرة آية 113 . [4] نور الأبصار ص 72 ط مصر عام 1312 .