مع القرآن ، ولذا عملوا على عزل القرآن عن واقع المسلمين . أما من شذ عن هذا الوضع ، وأعمل عقله فكانت تلصق به تهمة الزندقة لتبرير الخلاص منه والقضاء على دعوته . . وكم سقط من شهداء على هذا الطريق بأيدي الحكام ، وبأيدي الفقهاء [1] . ولو كان القرآن والعقل قد أخذا دورهما في مسيرة الإسلام ما كانت قد وصلت الأمة إلى ما وصلت إليه من الخنوع والتشرذم وعبادة الرجال . . ففي غيبة القرآن اخترعت الكثير من الروايات المضللة . . وفي غيبة العقل سادت هذه الروايات ، وحلت محل القرآن . . وفي غيبة القرآن إخترع إسلام جديد . . وفي غيبة العقل بررة الفقهاء . . وفي غيبة القرآن أصبح التراث هو الدين . وفي غيبة العقل بارك الفقهاء هذا التراث . وفي غيبة القرآن والعقل أصبحنا أسارى للحكام ولفقه الماضي . . إن تحكيم القرآن والعقل في دائرة الأطروحة الشيعية قد منحها القدرة على تجديد محتوياتها ومواكبة الواقع والمتغيرات ، بينما بقيت الأطروحة السنية جامدة منغلقة لرفضها الخضوع لحكم القرآن والعقل مما ولد قداسة غير مباشرة لجميع محتوياتها ، وفي مقدمتها كتب الأحاديث ، خاصة كتابا البخاري ومسلم اللذان حظيا بقداسة خاصة من دون الكتب الأخرى [2] . وفي الوسط السني يشهر سلاح التكفير في وجه أية محاولة للمساس بروايات
[1] الرضوي : أنظر كتاب الأستاذ الورداني ( شهداء الرأي في التاريخ الإسلامي ) أو كتابنا ( الشيعة في عصور الظالمين ) لتكون على يقين من هذه الحقيقة . [2] قال اليافعي في ( مرآة الجنان ) ج 3 طبع حيدر آباد الدكن عام 1338 ص 191 : فصحيحا البخاري ومسلم أصح المصنفات . وقال في ص 185 منه : هما حجة الإسلام . وقال محمد راغب باشا في ( سفينة الراغب ) ص 676 : أول مصنف في الصحيح المجرد صحيح البخاري ثم مسلم وهما أصح الكتب بعد القرآن .