ولم يتصدق إمامكم بدرهم واحد على فقير واحد من فقراء المسلمين ، ثم يتقدم لمناجاة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ليكتسب منه علما وأدبا وكمالا ، لماذا ؟ الفقرة وحاجته ؟ فهذا ابن الأثير يقول : وكانت له قطعة غنم تروح عليه [1] وقالت ابنته عائشة : فخرجت بمال أبي وكان ألف ألف أوقية [2] . وقال أحمد زيني دحلان مفتي الشافعية : وكان أبو بكر أجود الصحابة [3] . أم لزهده في مناجاة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ لست أدري . قال الآلوسي : وفي هذا الأمر تعظيم لمقام الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ، ونفع للفقراء ، وتمييز بين المخلص والمنافق ، وبين محب الدنيا ، ومحب الآخرة [4] . وقد زهد في هذا الفضل من زهد من الأصحاب ، فتميز المخلص منهم من المرتاب ، ومحب الدنيا من محب الآخرة ، فلم تسمح لذوي الثروة منهم نفسه في التصدق ولو بدرهم واحد على فقير من فقراء المسلمين ، بما في ذلك من نفع للفقراء ، وتعظيم لمقام الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سيد الأنبياء ، فكانت آية النجوى خير امتحان لهم ، وآية على عدم إخلاصهم ، وعلى إيثارهم حب المال . على اكتساب الفضل والكمال . فهل من مدكر ؟ وقد نال إمامنا ( عليه السلام ) الشرف المخلد في ذلك ، فاعترف جماعة من غير شيعته باختصاصه ( عليه السلام ) بهذا الفضل ، منهم الخازن ، وهو من أولياء أبي بكر وأتباعه ، فقال في تفسيره : فإن قلت في هذه الآية منقبة عظيمة لعلي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) ، إذ لم يعمل بها أحد غيره ، قلت : هو كذلك . ثم ذكر كلاما سخيفا حاول فيه إثبات فضيلة لأحد أئمته ، رددناه عليه في كتابنا ( من سخيف الكلام وساقطه ) وأثبتنا فيه فشله في محاولته
[1] الفتوحات الإسلامية ج 2 ص 357 . [2] تهذيب التهذيب ج 8 ص 291 . [3] الفتوحات الإسلامية ج 2 ص 358 . [4] صفوة التفاسير القسم الثامن عشر ص 13 عن ( تفسير الآلوسي 28 / 237 ) .