وقالت الدكتورة سعاد ماهر : ولم يكن في نظر هؤلاء الثائرين من هو أحق بالخلافة من علي ، فكلموه في البيعة له فامتنع ، وظلت المدينة هذه الأيام وليس للناس خليفة ، وإنما كان يتولى الأمر فيهم الغافقي بن حرب ، أحد زعماء الثورة ، وعلي ممتنع عن قبول البيعة . . . فغشى الناس عليا فقالوا : نبايعك فقد ترى ما نزل بالإسلام [1] وأخيرا اضطر الإمام ( عليه السلام ) إلى إجابتهم مكرها . هذا ما قاله علماؤكم والبارزون من رجالاتكم في زهد إمامنا ( عليه السلام ) في الخلافة ، وعدم إكراهه أحدا من الناس على أخذ البيعة منه له ، فمن بايعه منهم قبل بيعته ، ومن أبى منهم تركه وشأنه ، عملا بقوله تعالى ( لا إكراه في الدين ) [2] . أما إمامكم أبو بكر بن أبي قحافة ، فهذا ابن سعد يروي لنا ما يعرب عن رغبته في الخلافة وحرصه عليها فيقول : إن النبي لما توفي اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة ( في السقيفة ) فأتاهم أبو بكر ، وعمر ، وأبو عبيدة بن الجراح ، فقام حباب بن المنذر وكان بدريا فقال : منا أمير ، ومنكم أمير . . . فتكلم أبو بكر فقال : نحن الأمراء ، وأنتم الوزراء ، وهذا بيننا وبينكم نصفين [3] . يعني أن الحكومة والزعامة بيننا وبينكم ، غير أن السلطة العليا ، أي الخلافة لنا دونكم ، فكان يرى نفسه أحق الناس بالخلافة من بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حتى من أهل بيت الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( بما فيهم الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ابن عم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمتربي في بيته وزوج ابنته ، وباب مدينة علمه ) فكان يقول : من أحق بهذا الأمر مني ؟ ألست أول من صلى ؟ ألست ؟ ألست ؟ . . . ( 2 ) فجعل يذكر لنفسه خصالا في ألست وليس له في واحدة منها حظ ولا نصيب . أما ادعاؤه إنه أول من صلى فقد علمت مما ذكرناه تحت عنوان ( إمامنا أول من صلى مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ) إنه كان
[1] مشهد الإمام علي في النجف ص 63 ط مصر . [2] سورة البقرة آية 256 . [3] الطبقات ج 3 ق 1 ص 129 .