وقد أحسن البلاء في جميع الغزوات ، فكان أول البارزين يوم بدر ، وممن ثبتوا يوم أحد وحنين ، وهو فاتح خيبر ، وقاتل عمرو بن عبد ود العامري فارس الخندق ، ومرحب اليهودي بطل خيبر ، ويوم بدر كان أول لقاء مسلح نشب بين المسلمين ومشركي قريش . وتعد غزوة بدر الكبرى أعظم غزوة غزاها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأشدها نكاية في المشركين ، وقد تجلت فيها بطولة علي ، وكان نصف قتل المشركين من ضحاياه . وفي غزوة أحد حين حشدت قريش كل قوتها وأحابيشها ، ومن تبعها من قبائل كنانة ، وأهل تهامة لتثأر لقتلاها في يوم بدر ، يسقط لواء المسلمين من يد مصعب بن عمير بعد بلاء حسن ، فيدعو الرسول عليا ليحمل اللواء ، ويحمل اللواء بيده ، ويده الأخرى على سيفه ( ذي الفقار ) هذا السيف الذي قال الرسول عنه : وعن صاحبه ( لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي ) . . . فكان كما قال واصفوه ودلت عليه أخباره ، قوي الساعد واليد ، قوة بالغة ، ما صارع أحدا إلا صرعه ، ولم يبارز أحدا إلا قتله ، إذا أمسك بذراع أحد فكأنه أمسك بنفسه فلا يستطيع أن يتنفس ، وقد يقتلع الفارس من ظهر جواده بيده ، ويرمي به الأرض ، غير جاهد ولا حافل ، فعل ذلك في أيام صفين بأحمر مولى بني أمية ، لما هم أن يضرب عليا بعد أن قتل كيسان مولاه ، فوضع علي يده في جيب درع أحمر وجذبه عن فرسه ، وحمله على عاتقه ، ثم ضرب به الأرض فكسر منكبه وعضديه . . . وهو الذي حمل بابا بخيبر عجز عن قلبه النفر الأشداء ، واتخذه ترسا حين سقط ترسه عند فتح حصن نارعم ، أحد حصون خيبر المنيعة . . . وهو مع قوته البالغة كان شجاعا ما نكل عن مبارزة ، ولا ارتاع من كتيبة ، ولا هاب قرنا مهما تكن صولته وشهرته . ففي وقعة الخندق ، وتسمى أيضا غزوة الأحزاب أقدم على مبارزة فارس تحسب له