قال ثمّ قال : إنّ نبيّ الله فوّض إلى عليّ وائتمنه ، فسلّمتم وجحد الناس ، فوالله لنحبّكم أن تقولوا إذا قلنا وأن تصمتوا إذا صمتنا ، ونحن فيما بينكم وبين الله عزّ وجلّ ، ما جعل الله لأحد خيراً في خلاف أمرنا » [1] . فإن قيل : إنّ هذه الزيادات التي فوّض فيها الأمر إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام ، إن كانت بغير أمر الله وإذنه تكون منافية لقوله تعالى : ( وما ينطق عن الهوى ( وإن كانت بأمر الله تعالى وإرادته ، فلا فرق بينها وبين ما شرّعه الله وفرضه . قلنا : إنّنا نختار الشقّ الثاني ، وأنّ كلّ هذه التشريعات الصادرة منهم عليهم السلام إنّما صدرت منهم بعد إذنه تعالى لهم بالتشريع وتفويض الأمر إليهم ، والفرق بينها واضح ، باعتبار أنّ ما فرضه الله سبحانه وشرّعه مباشرةً مأمور به حتماً ، وأمّا الزيادات فهي مفوّضة إلى النبيّ والأئمّة عليه وعليهم السلام ، فلهم أن يزيدوها وأن لا يزيدوها ، فلمّا اختاروا الزيادة ، جعلها الله فرضاً على الأمّة ، ووجب على العباد التسليم لها كالتسليم لله سبحانه - كما تقدّم - . قلوبهم أوعية لمشيئة الله هنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ كلّ هذه التشريعات التي صدرت من النبيّ صلّى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام ، وإن لم يصدر بها أمرٌ مباشر من الله تعالى ، إلاّ أنّها جميعاً موافقة لأمر الله ونهيه ، وهذا ما صرّحت به نصوص متعدّدة ، منها :
[1] الأصول من الكافي : ج 1 ص 265 ، كتاب الحجّة ، باب التفويض إلى رسول الله والأئمّة في أمر الدِّين ، الحديث : 1 .