حيث دفع هذا العامل الكثير من الحكّام إلى السعي للحطّ من مكانة أهل البيت عليهم السلام عند الناس ومحاولة إلصاق التّهم بهم ، من قبيل القول بتأليههم ووصفهم ببعض الصفات الإلهيّة ونحوها من النعوت الخارجة عن حدّ البشريّة ، كلّ ذلك لأجل التقليل من شأنهم ومكانتهم وتكفيرهم ، بغية تفريق الناس من حولهم ، لأنّ التفاف الناس حول أهل البيت عليهم السلام يهدّد عرش الحكّام المتسلّطين على رقاب الناس من الانبهار كما هو واضح . وكان من أبرز أساليب الحكّام في نشر ظاهرة الغلوّ ، إدخال بعض المغالين ودسّهم في صفوف المسلمين . يقول الشيخ أسد حيدر في هذا الصدد : « إنّ أعظم شيء على الشيعة هو حمل فرق الغلاة عليهم وإضافتها إليهم ، وأستطيع أن أثبت بأنّ تلك الفرق الضالّة آزرتهم السياسة وسهّلت لهم الطرق ليصلوا إلى غايات في نفوسهم من الوقيعة في الشيعة ، والحطّ من كرامة أهل البيت ، إذ كانوا لا يستطيعون أن ينالوا من عقائدهم أو ينقصوهم بشيء ، والأمر واضح كلّ الوضوح ، فإنّ مذهب أهل البيت لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وتعاليمهم هي المحور الذي يدور عليها نظام الإسلام ، فكان دخول الغلاة في صفوف الشيعة حركة سياسيّة ، أوجدتها عوامل من جهة ، والفتك بالإسلام من جهة أخرى » [1] . وقد كشف الإمام الرضا عليه السلام عن هذه الظاهرة بقوله : « إنّ مخالفينا وضعوا أخباراً في فضائلنا وجعلوها على ثلاثة أقسام : أحدها الغلوّ ، وثانيها التقصير في أمرنا ، وثالثها التصريح بمثالب أعدائنا ، فإذا سمع الناس
[1] الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ، مصدر سابق : ج 1 ص 234 .