( أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ) ( الأعراف : 169 ) ، وقال : ( بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ) ( يونس : 39 ) » [1] . فإنّه عليه السلام يريد إثبات هذه الحقيقة ، وهي أنّه لا ينبغي أن يردّ الإنسان ما لم يحط بعلمه ، لاحتمال أن يكون حقّاً . من هنا جاءت الروايات لبيان قاعدة وضابطة مهمّة في كيفيّة التعامل مع بعض الأحاديث التي لا يمكن أن تحتملها بعض العقول ، حاصلها : أنّه لا يجوز ردّ الحديث الوارد عنهم عليهم السلام إلاّ إذا كان ممّا يقع في دائرة الممتنعات العقليّة ، أمّا الحديث الذي يتضمّن ما هو ممكن عقلاً فلا يجوز تكذيبه وردّه وإن لم يمكن فهمه وإدراكه للسامع . فمثلاً إذا وردت أحاديث فيها إعطاء صفة من الصفات المختصّة بالله تعالى كصفة الغنى بالذات أو اللا تناهي للنبيّ صلّى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام ، فمثل هذه النصوص لا بدّ من عدم قبولها وردّها . أمّا إذا كانت الصفة التي وصفوا بها عليهم السلام من الصفات التي يمكن وصف المخلوقين بها ، فلا يجوز تكذيبها وجحدها ، وإنّما يجب ردّ علمها إلى أهلها . وقد أشارت إلى هذا المعنى عدّة من الروايات ، منها : عن سفيان بن السمط قال : « قلت لأبي عبد الله الصادق عليه السلام : جعلت فداك ! إنّ الرجل ليأتينا من قبلك فيخبرنا عنك بالعظيم من الأمر فيضيق بذلك صدورنا حتّى نكذّبه . قال : فقال أبو عبد الله عليه السلام : أليس عنّي يحدّثكم ؟ قال قلت : بلى . قال : فيقول للّيل أنّه نهار أو للنهار أنّه ليل ؟ قال : فقلت له : لا . قال فقال : ردّه إلينا ، فإنّك إن كذّبت فإنّما
[1] بصائر الدرجات الكبرى : ج 2 ص 519 ، باب ما جاء فيمن لا يعرف الحديث فردّ ، الحديث : 1898 .