وممّا يلفت النظر سكوت الأمّة عن استيضاح أمر أهل البيت من النبيّ صلّى الله عليه وآله ، وهم يتلون في الكتاب العزيز آناء الليل وأطراف النهار ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) , ويسمعون نبيّهم صلّى الله عليه وآله يوصي بالتمسّك بأهل بيته في نوب متفرّقة وأماكن مختلفة فيقول لهم : « إنّي تاركٌ فيكم الثقلين : أوّلهما كتاب الله . . . وأهل بيتي ، أُذكّركم الله في أهل بيتي ، أُذكّركم الله في أهل بيتي ، أُذكّركم الله في أهل بيتي » . ويقول أيضاً : « مَثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومَن تخلّف عنها هلك » [1] . ويقول : « النجوم أمانٌ لأهل السماء ، فإذا ذهبت أتاهم ما يوعدون ، وأنا أمان لأصحابي ما كنت ، فإذا ذهبتُ أتاهم ما يوعدون ، وأهل بيتي أمانٌ لأُمّتي ، فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يُوعدون » [2] . « أما كان فيهم من يقول له : إنّك عصمتنا من الضلالة بالرجوع إلى أهل بيتك ، وجعلتهم قرناء للقرآن ، فمَن هم أهل هذا البيت لنعتصم بهم ؟ أترى أنّ عصمتهم عليهم السلام من الضلال من الأمور العاديّة التي لا تهمّ معرفتها والاستفسار عنها ؟ أم ترى أنّهم كانوا معروفين لديهم ، فما احتاجوا إلى استفسار وحديث ؟ والذي يبدو أنّ الصحابة ما كانوا في حاجة إلى استفسار ، وهم يشاهدون نبيّهم صلّى الله عليه وآله في كلّ يوم يقف على باب عليٍّ وفاطمة وهو يقرأ : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) وتسعة أشهر - وهي المدّة التي حدّث عنها ابن عبّاس - كافية
[1] المستدرك على الصحيحين ، مصدر سابق : ج 3 ص 151 . [2] المصدر السابق : ج 2 ص 448 .