قال : أمّا جملة العلم فعند الله جلّ ذكره ، وأمّا ما لا بدّ للعباد منه فعند الأوصياء . قال : ففتح عجيرته واستوى جالساً وتهلّل وجهه ، وقال : هذه أردت ولها أتيت ، زعمت أنّ علم ما لا اختلاف فيه من العلم عند الأوصياء ، فكيف يعلمونه ؟ قال : كما كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يعلمه ، إلاّ أنّهم لا يرون ما كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يرى ، لأنّه كان نبيّاً وهم محدَّثون . ثمّ قال : أخبرني عن هذا العلم ما له لا يظهر كما كان مع رسول الله صلّى الله عليه وآله ؟ قال : فضحك أبي عليه السلام وقال : أبى الله عزّ وجلّ أن يطلع على علمه إلاّ ممتحناً للإيمان » [1] . وبهذا اللّحاظ سُمّي المحتمل لهذه المعارف الإلهيّة والأسرار الربّانية بأنّه مدينةٌ حصينة ، كما في رواية عمرو بن ربيع عن شعيب الحدّاد قال : « سمعت الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام يقول : إنّ حديثنا صعب مستصعب ، لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب أو نبيٌّ مرسل أو عبدٌ امتحن الله قلبه للإيمان أو مدينةٌ حصينة . قال عمرو : فقلت لشعيب : يا أبا الحسن ، وأيّ شيء المدينة الحصينة ؟ فقال : سألت الصادق عليه السلام عنها فقال لي : القلب المجتمع » [2] . ولعلّ المراد منه هو المؤمن الذي لا يزيغ مهما كثرت الشبهات
[1] الأصول من الكافي : ج 1 ص 243 ، باب في شأن ( إنّا أنزلناه في ليلة القدر ) وتفسيرها ، الحديث : 1 . [2] ترتيب الأمالي ، أمالي الصدوق : ج 1 ص 184 ، المجلس 1 ، الحديث : 6 .