الله تعالى على العرش بالمعنى المتبادر وهو التمكّن والاعتماد على المكان - يتعارض مع آية محكمة هي قوله تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) ( الشورى : 11 ) ، الأمر الذي يوجب الرجوع والاحتكام إلى الآية المحكمة لتحديد المعنى المدلول من الآيات المتشابهة . والحاصل : أنّ المتشابه في القرآن هو الذي يدلّ على مفهوم واضح ومعنى معيّن يتردّد على مصداقه الخارجي ، أمّا المحكم فهو الذي يدلّ على مفهوم واضح معيّن لا يتردّد في انطباقه على مصداقه الخارجي . ولعلّ من أوضح الشواهد الدالّة على ذلك ما ذكره الشهيد الصدر حيث قال : « إنّ التعبير بالاتّباع في قوله تعالى : ( فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ) لا معنى له إذا أُريد المتشابه المفهومي ، إذ ذلك فرع وجود مدلول ظاهر يتعيّن فيه اللفظ ، ومع التشابه المفهومي لا مدلول ليتَّبع ، وهذا بخلاف ما لو أُريد التشابه المصداقي ، بمعنى أنّهم يتّبعون الآيات التي مصاديقها الخارجيّة متشابهة لا تتناسب مع المصداق الواقعي الغيبي الذي ينطبق عليه مفهوم الآية ، فمثلاً كلمة الصراط في قوله تعالى : ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) ( الحمد : 6 ) ، أو العرش والكرسي في الآيات الأخرى التي مدلولها اللّغوي واضح لا تشابه فيه إلاّ أنّ مصاديقها الخارجيّة سنخ مصاديق لا تنسجم أن تكون هي المقصودة في هذه الآيات ، فمَن في قلبه زيغ يتّبع مثل هذه الآيات ليطبّقها على مصاديقها الخارجيّة المتشابهة ، وهذا التطبيق عبّر عنه بالتأويل - من الأوْل كما في تأويل الرؤيا وتطبيقها على مصداقها الواقعي - ابتغاء الفتنة وتشويش العقائد والأفكار » [1] .
[1] بحوث في علم الأصول ، مباحث الحجج والأصول العمليّة ، تقريراً لأبحاث سيّدنا وأستاذنا الشهيد السعيد آية الله العظمى السيّد محمد باقر الصدر « طاب ثراه » بقلم : السيّد محمود الهاشمي : ج 4 ص 281 .