الذنب ، إلاّ أنّه مخطئ في ذلك لا لجور منهم في الحكم والقضاء ، بل لقصور فهمهم عن تعقّله وتبيّن معناه والوقوف على أحكامه واستحقاقاته . وعلى هذا ينبغي أن يحمل ما ربما يروى عنه صلّى الله عليه وآله من قوله : « إنّه ليغان على قلبي فأستغفر الله كلّ يوم سبعين مرّة » [1] ، وعليه يمكن أن يحمل بوجه قوله تعالى : ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ) ( المؤمن : 55 ) ، وقوله : ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) ( النصر : 3 ) . وعليه يحمل ما حكى الله تعالى عن عدّة من أنبيائه الكرام كقول نوح : ( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا ) ( نوح : 28 ) ، وقول إبراهيم : ( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ) ( إبراهيم : 41 ) ، فإنّ الأنبياء عليهم السلام مع عصمتهم لا يتأتّى أن تصدر عنهم المعصية ويقترفوا الذنب ، بمعنى مخالفة مادّة من المواد الدينيّة التي هم المرسلون للدعوة إليها ، والقائمون قولاً وفعلاً بالتبليغ لها ، والمفترض طاعتهم من عند الله ، ولا معنى لافتراض طاعة من لا يؤمن وقوع المعصية منه ، تعالى الله عن ذلك . بناءً على ما تقدّم فربّ مباح أو مستحبّ أو مكروه بالنسبة إلى من هم في المرتبة الأولى والثانية ، هو واجب أو محرّم بالنسبة إلى من هو في المرتبة الثالثة ، فحسنات الأبرار سيّئات المقرّبين . « وبهذا يتبيّن أنّ للذنب مراتب مختلفة مترتّبة طولاً ، كما أنّ للمغفرة مراتب بحذائها ، تتعلّق كلّ مرتبة من المغفرة بما يحاذيها من الذنب ، وليس
[1] الأصول من الكافي ، مصدر سابق : ج 2 ص 505 ، كتاب الدعاء ، باب الاستغفار ، الحديث : 5 .