والسلام بالمغيّبات . وذكر القسطلاني أنّه عزّ وجلّ إذا أمر بالغيث وسوّقه إلى ما شاء من الأماكن ، علمته الملائكة الموكّلون به ، ومن شاء سبحانه من خلقه عزّ وجلّ ، وكذا إذا أراد تبارك وتعالى خلق شخص في رحم يُعلم سبحانه الملك الموكّل بالرحم بما يريد جلّ وعلا ، كما يدلّ عليه ما أخرجه البخاري عن أنس بن مالك عن النبيّ صلّى الله عليه ] وآله [ وسلّم قال : إنّ الله تعالى وكلّ بالرحم ملكاً يقول : ياربّ نطفة ، ياربّ علقة ، ياربّ مضغة ، فإذا أراد الله تعالى أن يقضي خلقه قال : أذكرٌ أم أُنثى ، شقيٌّ أم سعيدٌ ، فما الرزق والأجل ؟ فيُكتب في بطن أمّه ، فحينئذ يَعلم بذلك الملك ومن شاء الله تعالى من خلقه عزّ وجلّ . وهذا لا ينافي الاختصاص والاستئثار بعلم المذكورات ، بناءً على ما سمعت منّا من أنّ المراد بالعلم الذي استأثر سبحانه به العلم الكامل بأحوال كلّ على التفصيل ، فما يعلم به المَلك ويطّلع عليه بعض الخواصّ يجوز أن يكون دون ذلك العلم ، بل هو كذلك في الواقع بلا شبهة » [1] . وأورد المجلسي وجوهاً للجمع ، منها ما ذكره بقوله : « ما أومأنا إليه سابقاً وهو أنّ الله تعالى لم يطلع على تلك الأمور كليّةً أحداً من الخلق على وجه لا بداء فيه ، بل يرسل علمها على وجه الحتم في زمان قريب من حصولها كليلة القدر أو أقرب من ذلك . وهذا وجهٌ قريب تدلّ عليه الأخبار الكثيرة ، إذ لا بدّ من علم ملك الموت بخصوص الوقت كما ورد في الأخبار ، وكذا ملائكة السحاب والمطر بوقت نزول المطر ، وكذا المدبّرات من الملائكة بأوقات وقوع الحوادث » [2] .
[1] روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ، مصدر سابق : ج 21 ص 111 . [2] بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار ، مصدر سابق : ج 26 ص 104 كتاب الإمامة ، آخر باب أنّهم عليهم السلام لا يعلمون الغيب ومعناه .