وقال للرجل وكان كلبيّاً : « يا أخا كلب ، ليس هو بعلم غيب ، وإنّما هو تعلّم من ذي علم . . . علّمه الله نبيّه فعلّمنيه ، ودعا لي بأن يعيه صدري وتضطمّ عليه جوانحي » [1] . بهذا يتبيّن أنّ التسمية غير تابعة للاتّصاف ، بل لها قانونها الخاصّ ، وهو أنّ الأسماء التي توحي وتشعر بالشراكة في الربوبيّة لا يسمّى بها الممكن وإن اتّصف بها لأجل رعاية أدب العبوديّة لله تعالى . وهذا هو السبب في نفي بعض النصوص تسمية أهل البيت عليهم السلام بالعالمين بالغيب ، لأنّ هذا الاسم من الأسماء التي يرى العرف الديني أنّها مختصّة بالواجب سبحانه ، فلكي لا ينصرف الذهن إلى توفّرهم على نصيب من الربوبيّة والشراكة مع الله تعالى ، نجد رفض بعض هذه النصوص تسميتهم بهذا الاسم وإن اتّصفوا به . وعليه فلا دلالة لمثل هذه الروايات على عدم توفّرهم عليهم السلام على علم الغيب . بقي هنا نصّ آخر في هذا المجال هو الوارد عن سدير قال : « كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزّاز وداود بن كثير في مجلس أبي عبد الله الصادق عليه السلام ، إذ خرج إلينا وهو مغضب ، فلما أخذ مجلسه قال : يا عجباً لأقوام يزعمون أنّا نعلم الغيب ، ما يعلم الغيب إلاّ الله عزّ وجلّ ، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة ، فهربت منّي فما علمت في أيّ بيوت الدار هي . قال سدير : فلمّا أن قام من مجلسه وصار في منزله ، دخلت أنا وأبو بصير وميسّر وقلنا له : جعلنا فداك ، سمعناك تقول كذا وكذا في أمر جاريتك ، ونحن نعلم أنّك تعلم علماً كثيراً ، ولا ننسبك إلى علم الغيب .
[1] نهج البلاغة : ص 186 ، الخطبة : 128 فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة .