مسند الإمام أحمد بن محمّد بن حنبل الشيباني قدّس الله روحه - أصل كبير ومرجع دقيق لأصحاب الحديث ، انتقي من أحاديث كثيرة ومسموعات وافرة ، فجعل إماماً ومعتمداً ، وعند التنازع ملجأً ومستنداً » . وقد أخبر هو عن كتابه بقوله : « إنّ هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفاً ، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله صلّى الله عليه ] وآله [ وسلّم فارجعوا إليه ، فإن كان فيه وإلاّ ليس بحجّة » [1] . وقال وليّ الله الدهلوي : « وجعل - أي أحمد - مسنده ميزاناً يُعرف به حديث رسول الله صلّى الله عليه وآله . فما وجد فيه ولو بطريق واحد من طرقه فله أصل . وما لا ، فلا أصل له » [2] . فإذا كان الكتاب بهذه المتانة من الوثوق والاعتبار ، كيف يعقل أن يتساهل مصنّفه ويخرج فيه حديثاً منكراً مع علمه بكونه كذلك . وقال تقيّ الدِّين ابن الصلاح في علوم الحديث : « ثمّ إنّ الغريب ينقسم إلى صحيح كالأفراد المخرجة في الصحيح ، وإلى غير صحيح وذلك هو الغالب على الغرائب ، روينا عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنّه قال غير مرّة : لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب فإنّها مناكير ، وعامّتها من الضعفاء » [3] فمن منع من كتابة المناكير فضلاً عن العمل بها ، وحذّر من نقلها فضلاً عن الاستناد إليها ، لا ينقل حديثاً مع علمه بكونه منكراً ، ولا يجوز أن يخرجه في المسند العظيم وكتاب مناقب أمير المؤمنين ، وإلاّ لتوجّه إليه الذمّ واللوم
[1] نقلاً عن نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار : ج 2 ص 10 . [2] المصدر السابق : ج 2 ص 13 . [3] مقدّمة ابن الصلاح في علوم الحديث ، عثمان بن عبد الرحمن ، تعليق : أبو عبد الرحمن صلاح بن محمّد بن عويضة : ص 163 .