وبنفس هذا المعنى جاء في النصّ القرآني كقوله تعالى : ( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) ( الرعد : 9 ) . قال الآلوسي : « عالم الغيب أي الغائب عن الحسّ ، والشهادة : أي الحاضر له » [1] . وقال الطباطبائي : « الغيب خلاف الشهادة ، وينطبق على ما لا يقع عليه الحسّ » [2] . فما قيل من اختصاص الغيب بما لم يكن وسيكون ضعيف ، والاستدلال عليه بما ورد « عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزّ وجلّ : ( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) الغيب ما لم يكن ، والشهادة ما قد كان » [3] لا يدلّ على الاختصاص بل على الاستعمال . الغيب والشهادة أمران إضافيّان إنّ الغيب والشهادة من المعاني الإضافيّة ، فإنّ الشيء الواحد قد يكون غيباً بالنسبة إلى شيء لأنّه خارج عن دائرة رؤيته ومعرفته ، ويكون نفس ذلك الشيء شهادة لآخر لأنّه مشهودٌ له . ومردّ ذلك إلى كون الأشياء لها حدود لا تنفكّ عنها ، فما كان خارجاً عن حدّ الشيء لا يكون مشهوداً له فيكون غيباً بالنسبة إليه ، وما كان داخلاً في حدّ الشيء فهو شهادة بالنسبة إليه ومشهودٌ له . من قبيل ما يجري في فكر الإنسان فهو شهادة بالنسبة لذلك الإنسان وغيب لآخر ، ومن قبيل عالم البرزخ فهو غيب بالنسبة للإنسان الذي يعيش
[1] روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني : ج 3 ص 110 . [2] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 1 ص 45 . [3] البرهان في تفسير القرآن : ج 4 ص 254 .