والإلهام : مصدر « ألهم » وهو فعل متعدّ بالهمزة ، والإلهام اسم قليل الورود في كلام العرب ، ولم يذكر أهل اللغة شاهداً له من كلام العرب . قال ابن عاشور التونسي : « ويطلق الإلهام إطلاقاً خاصّاً على حدوث علم في النفس بدون تعليم ولا تجربة ولا تفكير ، فهو علمٌ يحصل من غير دليل سواء ما كان منه وجدانيّاً كالإنسياق إلى المعلومات الضروريّة والوجدانيّة ، وما كان منه عن دليل كالتجريبيّات والأمور الفكريّة والنظريّة » [1] . وقال الطباطبائي معقّباً على قوله تعالى : ( وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ) ( النساء : 113 ) « ليس هو الذي علّمه بوحي الكتاب والحكمة فقط ، فإنّ مورد الآية قضاء النبيّ صلّى الله عليه وآله - في الحوادث الواقعة والدعاوى التي ترفع إليه - برأيه الخاصّ ، وليس ذلك من الكتاب والحكمة بشيء وإن كان متوقّفاً عليهما بل رأيه ونظره الخاصّ به . من هنا يظهر أنّ المراد بالإنزال والتعليم في قوله : ( وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ) نوعان اثنان من العلم ؛ أحدهما : التعليم بالوحي ونزول الروح الأمين على النبيّ صلّى الله عليه وآله ، والآخر : التعليم بنوع من الإلقاء في القلب والإلهام الخفيّ الإلهي من غير إنزال الملك ، وهذا هو الذي تؤيّده الروايات في علم النبيّ صلّى الله عليه وآله » [2] . أمّا السيّد حيدر الآملي فبعد أن بيّن أنّ الإلهام مختصّ بالأولياء والأوصياء ، كما أنّ الوحي الخاصّ لا العامّ مختصّ بالأنبياء والرسل قال : « وأمّا الإلهام فيكون خاصّاً ويكون عامّاً ، فالخاصّ هو مخصوص بالأولياء
[1] التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور التونسي ، مصدر سابق : ج 30 ص 326 . [2] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 5 ص 79 .