عن جابر الجعفي قال : سألت أبا جعفر الباقر عليه السلام عن الروح . قال : يا جابر إنّ الله خلق الخلق على ثلاث طبقات وأنزلهم ثلاث منازل ، وبيّن ذلك في كتابه حيث قال : ( فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) ( الواقعة : 8 - 11 ) . فأمّا ما ذكر من السابقين فهم أنبياء مرسلون وغير مرسلين ، جعل فيهم خمسة أرواح : روح القدس وروح الإيمان وروح القوّة وروح الشهوة وروح البدن . وبيّن ذلك في كتابه حيث قال : ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) ( البقرة : 253 ) ، ثمّ قال في جميعهم : ( وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) ( المجادلة : 22 ) ، فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين وغير مرسلين ، وبروح القدس علموا جميع الأنبياء ، وبروح الإيمان عبدوا الله ولم يشركوا به شيئاً ، وبروح القوّة جاهدوا عدوّهم وعالجوا معيشتهم ، وبروح الشهوة أصابوا لذّة الطعام ونكحوا الحلال من النساء ، وبروح البدن يدبّ ويدرج . وأمّا ما ذكرت من أصحاب الميمنة فهم المؤمنون حقّاً ، جعل فيهم أربعة أرواح : روح الإيمان وروح القوّة وروح الشهوة وروح البدن . ولا يزال العبد مستكملاً بهذه الأرواح الأربعة حتّى يهمّ بالخطيئة ، فإذا همَّ بالخطيئة زيّن له روح الشهوة وشجّعه روح القوّة وقاده روح البدن حتّى يوقعه في تلك الخطيئة ، فإذا لامسَ الخطيئة انتقص من الإيمان وانتقص الإيمان منه ، فإن تاب تاب الله عليه . وأمّا ما ذكرت من أصحاب المشأمة فهم أهل الكتاب ، قال الله تبارك وتعالى : ( الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ