الرؤية ، لاحتجابه بحجاب الصفات كما هو حال موسى عليه السلام . ( أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا ( من الملائكة فيوحي على سبيل الإلقاء ، والنفث في الروع والإلهام أو الهتاف أو المقام ، كما قال عليه السلام : إنّ روح القدس نفث في روعي أنّ نفساً لن تموت حتّى تستكمل رزقها » [1] . الروايات الواردة في بيان وسائل حصول علم الإمام اتّضح إذن أنّ تحصيل العلم يمكن أن يكون بنحوين : أحدهما : العلوم التي يمكن تحصيلها بالطرق المألوفة والمتعارفة ، وهو ما أشير إليه في قوله تعالى : ( وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) ( النحل : 78 ) حيث أشارت الآية إلى أمرين : الأوّل : أنّ الإنسان حين تولّده خالٍ عن جميع العلوم التي يمكن تحصيلها بعد ذلك عن طريق الحسّ والفكر والتعقّل ونحو ذلك . الثاني : أنّ مبادئ وآليّات تحصيل هذا النحو من العلم ، هي السمع والبصر التي هي المبدأ في تحصيل التصوّرات عند الإنسان ، وإن كان هناك غيرهما من اللّمس والذوق والشمّ ، وإن كان السمع والبصر هما العمدة في ذلك ، والفؤاد هو المبدأ في تحصيل التصديقات . وثانيهما : العلم اللدنّي ، وهو علم لا يمكن تحصيله من خلال الألفاظ والمفاهيم ، لأنّه نحو خاصّ من العلم خارج عن دائرة الإدراك الذهني الحصولي .
[1] تفسير القرآن الكريم ، للشيخ الأكبر العارف بالله العلاّمة محيي الدِّين بن عربي ، المتوفّى 638 ه - ، تحقيق وتقديم : الدكتور مصطفى غالب ، انتشارات ناصر خسرو ، إيران ، الطبعة الأولى : ج 2 ص 437 .