غير تغيّر وزوال ولا استحالة ولا انتقال ، وإن كانت المعلومات جزئيّة كائنة مستحيلة زمانيّة متجدّدة في أنفسها وبقياس بعضها إلى بعض ، أمكنه أن يعلم حينئذ كيفيّة علم الأنبياء والأولياء الكاملين عليهم السلام بأحوال الموجودات الماضية والمستقبلة وعلم ما سيكون إلى يوم القيامة ، علماً كليّاً ثابتاً غير متجدّد بتجدّد المعلومات ، ولا متكثّر بتكثّرها ، وعند ذلك يعرف معنى قوله تعالى : ( تبياناَ لكل شيء ) ويصدّق بأنّ جميع العلوم والمعاني في القرآن الكريم عرفاناً حقيقيّاً وتصديقيّاً يقينيّاً على بصيرة لا على وجه تقليد أو سماع أو ما يجري مجراها » [1] . من هنا قال في موضع آخر : « إنّ العلم الحصولي الكسبي علم بظواهر الأشياء وجزئيّاتها من طريق نفس الأشياء بتغيّر لا يفيد اليقين . وهذا النحو من العلم يتنزّه عنه الأولياء فضلاً عن آل محمّد عليهم السلام ، وإنّ العلم الشهودي الحضوري علم بواقع الأشياء وأسبابها - والذي يغني عن العلم بجزئيّاتها - هو علم الأولياء فضلاً عن أولي الأمر من آل محمّد عليهم السلام . وآثار هذا العلم إضافة إلى أنّها شهوديّة لعين الواقع وصقع الأمر ، أنّه يؤهّل العالم به أن يطّلع على أسرار الكون والملكوت ، ويعطيه الأهليّة لقدرة التصرّف فيه ، منتظراً منح القدرة من الله العزيز المتعال » . وهذا ما أشار إليه الفيض الكاشاني أيضاً بقوله : « وليعلم أنّ علوم الأئمّة عليهم السلام ليست اجتهاديّة ولا سمعيّة أخذوها من جهة الحواسّ ، بل لدنّية أخذوها من الله سبحانه ببركة متابعة النبيّ صلّى الله عليه وآله » [2] .
[1] شرح أصول الكافي ، لمؤلّفه : صدر الدِّين محمّد بن إبراهيم الشيرازي ، عنى بتصحيحه محمّد خواجوي ، كتاب فضل العلم وكتاب الحجّة : ج 2 ص 350 . [2] الأصول الأصيلة ، الفيض الكاشاني ، مطبعة الجامعة ، إيران ، 1390 ه : ص 30 .