الإبصار ، مضافاً إلى عدم وجود الموانع الخارجيّة والحواجز المانعة للبصر من رؤية الشيء ، فكذلك رؤية البصيرة لا بدّ من توفر تلك الشروط فيها أيضاً ، كوجود القابليّة على الرؤية وعدم وجود الموانع منها . لكن ينبغي أن لا نغفل عن فارق أساسي بين الرؤيتين ، هو أنّ شروط الرؤية المادّية ومقوّماتها وكذلك موانعها وحجبها مادّية ، أمّا الرؤية غير المادّية فشروطها ومقوّماتها غير مادّية أيضاً ، وهكذا غير الرؤية من السمع والنطق والشمّ ونحوها ، لوجوب المسانخة والمجانسة والمشاكلة بين الأشياء . قال الآملي : « فكما أنّ العين التي هي لمشاهدة الشهادة وشأنها الرؤية والمشاهدة ، لم يتمكّن من رؤيتها ومشاهدتها إلاّ إزالة الموانع ورفع الحجاب بينها وبين مرئيّاتها ، وحصول نور آخر مضافاً إليها كنور الشمس أو نور القمر أو الكواكب أو النار وأمثال ذلك ؛ فكذلك العين التي هي لمشاهدة عالم الغيب ، فإنّها وإن كانت من شأنها رؤية ذلك العالم ومشاهدته ، لكن لم يمكن منها إلاّ بعد إزالة الموانع ورفع الحجاب بينها وبين ذلك العالم ، وحصول نور آخر مضافاً إليها كنور الحقّ أو نور القدس أو الروح الأعظم أو العقل الكلّي ، لقوله تعالى : ( نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِي ) ( النور : 35 ) ، وقوله : ( وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ) ( النور : 40 ) . [1] من هنا لا بدّ من الوقوف - ولو بالقدر الذي يلامس بحثنا - على أهمّ الشرائط والموانع التي أشار إليها القرآن الكريم في هذا المجال .
[1] تفسير المحيط الأعظم والبحر الخضم ، مصدر سابق : ج 1 ص 271 .