وهذا في الحقيقة انتصار وتأييد منه تعالى لكتابه قِبال ما أزرى به وإستهانه الذين كفروا حيث قالوا : ( لولا انزل عليه آية من ربه ) مرّة بعد مرّة و ( لست مرسلا ) فلم يعبئوا بأمره ولم يبالوا به ، وأجاب الله عن قولهم مرّة بعد مرّة ، ولم يتعرّض لأمر القرآن ولم يذكر أنّه أعظم آية للرسالة ، وكان من الواجب ذلك ، فقوله تعالى : ( قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) استيفاء لهذا الغرض الواجب الذي لا يتمّ البيان دونه . وبهذا يتأيّد ما ذكره جمعٌ ووردت به الروايات من طرق أئمّة أهل البيت عليهم السلام أنّ الآية نزلت في عليّ عليه السلام . فلو انطبق قوله : ( ومن عنده علم الكتاب ) على أحد ممّن آمن بالنبيّ صلّى الله عليه وآله لكان هو ، فقد كان أعلم الأمّة بكتاب الله ، وتكاثرت الروايات الصحيحة على ذلك ، ولو لم يرد فيه إلاّ قوله صلّى الله عليه وآله في حديث الثقلين المتواتر من طرق الفريقين ، لكان فيه كفاية » [1] . عن سليم بن قيس الهلالي قال : قال عليّ عليه السلام : « وقد كنت أدخل على رسول الله صلّى الله عليه وآله كلّ يوم دخلة وكلّ ليلة دخلة ، فيخليني فيها أدور معه حيث دار ، وقد علم أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري ، فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله صلّى الله عليه وآله أكثر ذلك في بيتي ، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عنّي نساءه ، فلا يبقى عنده غيري ، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عنّي فاطمة ولا أحد من بنيّ ، وكنت إذا سألته أجابني ، وإذا سكتّ عنه وفنيت مسائلي ابتدأني .
[1] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 11 ص 386 .