المبحث الرابع : موقف أهل البيت من الغُلاة الواقع إنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام اتّخذوا موقفاً صارماً من ظاهرة الغلوّ والمغالين ، قد لا نجد ما يناظره في مسائل أخرى ، فإنّهم واجهوا ذلك بكلّ حزم وقوّة ، وقد تنوّعت أساليبهم في ذلك وتصدّيهم لهذه المشكلة الخطيرة التي واجهت الفكر الديني عموماً ، ومدرسة أهل البيت عليهم السلام خصوصاً ، وذلك لما أشرنا إليه سابقاً أنّ السلطات الحاكمة كانت تحاول إلحاق الغلاة بالشيعة لغاية الحطّ من كرامة عقائدهم ، وليظهروهم للملأ بأبشع المظاهر وأشنعها ، ويعلنوا للعالم أنّ الشيعة يعتقدون في الأئمّة الألوهيّة ، فلا يصلح عدّهم من المسلمين ، فتُراق بذلك دماؤهم وتُنهب أموالهم ، وكم حدَّثنا التاريخ عن تلك الفظايع السود . ولعلّ في تاريخنا المعاصر وما نشهده من فتاوى تصدر هنا وهناك ضدّ أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام خيرُ شاهد على ما نقول . وهذا ما يفسّر الأسباب التي دعت أئمّة أهل البيت عليهم السلام إلى إعلان البراءة من الغلاة وجاهروا بلعنهم والحكم بكفرهم ، وكشفوا نواياهم المغرضة ، وحذّروا أتباعهم من الجلوس معهم والاستماع إليهم وقطع الارتباط بهم . وتلقّى الشيعة - على مرّ تاريخهم - تلك الأوامر الشريفة بالقبول والامتثال ، فأعلنوا البراءة وملأوا كتبهم من التبرّي منهم ، وإليك إضمامة من الروايات التي تكشف مدى شدّة وحزم أهل البيت عليهم السلام في مواجهة هذه الظاهرة ورموزها ، وهي على أصناف :