يشتمل هذا الفصل على عدّة مباحث نحاول الوقوف عليها : 1 : الغيب والشهادة لغةً واصطلاحاً والنسبة بينهما لا يختلف معنى الغيب والشهادة في الاصطلاح القرآني والروائي عمّا هو في المفاهيم اللغويّة . قال الراغب الأصفهاني : « الغيب مصدر غابت الشمس وغيرها إذا استترت عن العين ، يُقال غاب عنّي كذا ، قال تعالى : ( أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ ) ( النمل : 20 ) ، واستعمل في كلّ غائب عن الحاسّة وعمّا يغيب عن علم الإنسان بمعنى الغائب » [1] . وقال ابن منظور : « الغيب : كلّ ما غاب عنك » [2] . ولا فرق بين أن يكون الغائب عن المشاعر والحواسّ ماضياً أو في الحال أو الاستقبال ، ويدلّ على الأوّل قوله تعالى : ( ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ) ( آل عمران : 44 ) ، الوارد في قصّة زكريا ومريم عليهما السلام ، وعلى الثاني قوله تعالى : ) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) ( البقرة : 3 ) ، وقوله : ( لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ) ( سبأ : 14 ) وقوله حكايةً عن إخوة يوسف : ( وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ ) ( يوسف : 81 ) . وأمّا الثالث فهو المتيقّن من الغيب . وأمّا الشهادة فهو الحضور ؛ قال الراغب : « الشهادة هي الحضور مقترناً بالمشاهدة ، سواء بالعين الظاهرة أو بعين البصيرة » [3] .
[1] المفردات في غريب القرآن ، مصدر سابق : ص 336 ، مادّة : غيب . [2] لسان العرب ، مصدر سابق : ج 10 ص 151 ، مادّة : غيب . [3] المفردات في غريب القرآن : ص 267 ، مادّة : شهد .