نام کتاب : عقائد الإمامية برواية الصحاح الستة نویسنده : السيد محمد علي الحلو جلد : 1 صفحه : 204
نفسه على الطاعة وعدم المعصية حتى صارت ذاته مهيئة لتلّقي الكمال الربوبي ، والنور الملكوتي ، لقبول الفيض الإلهي الأقدس « ثم إن هذا المعنى أعني الإمامة على شرافته وعظمته ، لا يقوم إلاّ بمن كان سعيد الذات بنفسه ، إذ الذي ربما تلبّس ذاته بالظلم والشقاء ، فإنما سعادته بهداية من غيره وقد قال الله تعالى ( أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلاّ أن يهدى ) وقد قوبل في الآية بين الهادي إلى الحق وبين غير المهتدي إلاّ بغيره ، أعني المهتدي بغيره ، وهذه المقابلة تقتضي أن يكون الهادي إلى الحق مهتدياً بنفسه وأن المهتدي بغيره لا يكون هادياً إلى الحق البتة » [1] ، هذا ما تقرره الإمامية من أمر النبي أو الإمام قبل البعثة والإمامة ، وهو قولٌ لا يجيز عليهما أن تدنّس ساحتهما برجاسة الذنوب مطلقاً ، فإن طهارة الذات ثابتةٌ لهما قبل وبعد البعثة ، للزوم أن يكون وعاء الفيض الإلهي مبرّءٌ من القبيح المنافي لشأن التبليغ والهداية الربانية . على أن المعتزلة والأشاعرة جوّزوا الصغائر قبل البعثة وبعدها على سبيل السهو كما قالته الأشاعرة ، أو أن لا تكون الصغائر عمدية ومنفّرة في ارتكابها كما هو عليه المعتزلة ، وقد منعت الإمامية ذلك مطلقاً ، للزوم تنفير الخلق عنهم ، وعدم سكون النفس إليهم ، حيث أن طباع الناس تأنس إلى مَنْ لا يتركب الذنوب مطلقاً ، ويسكنون إلى مَنْ لم يقارف صغائر المعاصي أبداً ، ذلك أن كثيراً من المباحات وإن لم يكن على مرتكبها لوم ولا لفاعلها عقاب إلاّ أنها منفّرةٌ للطباع ، موجبةٌ لتسفيه صاحبها ، وكذلك هو حال الصغائر وإن كان معفوٌ عنها مغفورٌ لصاحبها خصوصاً في ورودها مورد السهو والنسيان ، وكم هو فرق بين مَنْ نزّه نفسه عن صغائر الذنوب وبين
[1] الميزان في تفسير القرآن / للسيد الطباطبائي ج 1 ص 273 .
204
نام کتاب : عقائد الإمامية برواية الصحاح الستة نویسنده : السيد محمد علي الحلو جلد : 1 صفحه : 204