responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني    جلد : 1  صفحه : 98


والإرشاد حيث قال : ( وَقَاسَمَهُمَا إنّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ) . ( 1 ) وهذا يكشف عن أنّ خطابه سبحانه إليهما كان بصورة النصح أيضاً ، وهذا واضح لمن له أدنى إلمام بأساليب الكلام .
فهذه القرائن وغيرها الموجودة في الآيات الواردة حول قصة آدم ( عليه السلام ) تدل بوضوح على أنّ النهي في هذا المقام كان نهياً إرشادياً لا مولوياً ، وكان الهدف تبقية آدم ( عليه السلام ) بعيداً عن عوامل الشقاء والتعب ، ولكنّه لم يسمع قول ناصحه فعرّض نفسه للشقاء ، وصار مستحقاً لأن يخاطب بقوله سبحانه : ( قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعضٍ عدُوّ وَلَكُمْ فِي الأرْضِ مُسْتَقَرّ وَمَتاعٌ إلَى حِين ) ( 2 ) وقوله سبحانه : ( قال اهْبِطَا مِنْهَا جَميعَاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدوّ ) ( 3 ) أضف إلى ذلك أنّ الظرف الذي تلقّى فيه آدم هذا النهي ، ( النهي عن الأكل من الشجرة ) لم يكن ظرف تكليف حتى تعد مخالفته عصياناً لمقتضاه ، فإنّ ظرف التكليف هو المحيط الذي هبط إليه مع زوجته بعد رفض النصح ، أمّا ذلك المحيط فكان معداً لتبصير الإنسان بأعدائه وأصدقائه ، ودورة تعليمية لمشاهدة نتائج الطاعة وآثار المخالفة ، أيّ ما يترتب على قبول قوله سبحانه من السعادة ، وما يترتب على قبول قول إبليس من الشقاء ، وفي مثل ذلك المحيط لا يعد النهي ولا الأمر تكليفاً ، بل يُعد وسيلة للتبصير وتحصيل الاستعداد لتحمّل التكاليف في المستقبل ، وكانت تلك الدورة من الحياة دورة إعدادية لأبى البشر وأُمّهم ، حتى يلمس الحقائق لمس اليد .


1 . الأعراف : 21 . 2 . الأعراف : 24 . 3 . طه : 123 .

98

نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني    جلد : 1  صفحه : 98
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست