نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 267
وقد اختلفوا فيه أيضاً على قولين : فمن قائل : إنّه كان يتعبّد بشرع من قبله . ومن قائل آخر ينفيه بتاتاً . وقد بسط الكلام في هذا المقام السيد المرتضى في « ذريعته » وتلميذه الجليل في « عدّته » فاختارا القول الثاني وأوضحا برهانه . ( 1 ) غير أنّي أرى البحث في ذلك عديم الفائدة ، لأنّ المسلمين اتفقوا على أنّه بعد البعثة ، ما كان يقول إلاّ ما يوحى إليه ، ولا يصدر عنه شيء إلاّ عن هذا الطريق ، فإذا كان الواجب علينا اقتفاء أمره ونهيه ، والعمل بالوحي الذي نزل عليه ، فأي فائدة في البحث عن أنّه هل كان ما يأمر به وينهى عنه ، صدر عن التعبّد بشريعة من قبله ، أو صدر عن شريعته ؟ إذ الواجب علينا الأخذ بما أتى به ، بأي لون وشكل كان ، وفي ذلك يقول المحقّق الحلّي : إنّ هذا الخلاف عديم الفائدة ، لأنّا لا نشك أنّ جميع ما أتى به لم يكن نقلاً عن الأنبياء ، بل عن الله تعالى بإحدى الطرق الثلاث التي أُشير إليها في قوله سبحانه : ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أنْ يُكَلِمَهُ اللهُ إلاَّ وَحْياً أوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِىَ بِإذْنِه مَا يَشَاءُ إنَّهُ عَلِىّ حَكِيمٌ ) ( 2 ) . فإذا كان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يصدر عنه شيء إلاّ عن طريق الوحي ، فلا تترتب على البحث أيّة فائدة ، فسواء أكان متعبداً بشرع من قبله أم لم يكن ، فهو ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يأمر ولا ينهى إلاّ بإذنه سبحانه . ( 3 )