نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 211
بقوله : ( وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أنْفُسَهُمْ إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أثِيماً ) ( 1 ) . فالآية تكلّف النبي أن لا يدافع عن الخائن ، ومن الواضح أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يكن في زمن حياته مدافعاً عن الخائن ، وانّما هو خطاب عام أُريد منه تربية المجتمع وتوجيهه إلى هذه الوظيفة الخطيرة ، وبما أنّ أكثر الناس لا يتحمّلون الخطاب الحاد ، بل يكون مرّاً في أذواق أكثرهم ، اقتضت الحكمة أن يكون المخاطب ، غير من قصد له الخطاب . 7 . وعلى ذلك يحمل قوله سبحانه : ( إنَّا أنْزَلْنَا إلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أرَاكَ اللهُ وَلا تَكُن لِلْخائِنِينَ خَصِيماً ) ( 2 ) وأخيراً نقول : إنّ سورة الإسراء تحتوي على دساتير رفيعة المستوى ، ترجع إلى وظائف الأُمّة : الفردية والاجتماعية ، وهو سبحانه يبتدئ الدساتير بقوله : ( لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولا ) ( 3 ) ، وفي الوقت نفسه يختمها بنفس تلك الآية باختلاف يسير فيقول : ( ولا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إلهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً ) . ( 4 ) فهذه الخطابات وأشباهها وإن كانت موجهة إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لكن قصد بها عامة الناس لنكتة سبق ذكرها ، وإلاّ فالنبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أعظم من أن يشرك بالله تعالى بعد تشرّفه بالنبوّة ، كيف ، وهو الذي كافح الوثنية منذ نعومة أظفاره إلى أن بعث نبيّاً لهدم الشرك وعبادة غير الله تبارك وتعالى .