نام کتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 200
هكذا فسّره الإمام الرضا ( عليه السلام ) عندما سأله المأمون عن مفاد الآية وقال : « ذلك يونس بن متى ذهب مغاضباً لقومه » . ( 1 ) وأمّا الثاني : أعني : ( فظن أن لن نقدر عليه ) فالفعل ، أعني : ( نقدر ) ، من القدر بمعنى الضيق لا من القدرة ، قال سبحانه : ( وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ ) ( 2 ) ، وقال سبحانه : ( إنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ ) ( 3 ) ، فمعنى الآية أنّه ظن أن لا يضيق عليه الأمر لترك الصبر والمصابرة مع قومه ، لا بمعنى أنّه خطر هذا الظن بباله ، بل كان ذهابه وترك قومه يمثل حالة من ظن أن لن نقدر عليه في خروجه من قومه من غير انتظار لأمر الله ، فكانت مفارقته قومه ممثلة لحال من يظن بمولاه ذلك . وأمّا تفسيره بأنّه ظن أنّه سبحانه لا يقدر عليه ، فهو تفسير بما لا تصح نسبته إلى الجهلة من الناس فضلاً عن الأولياء والأنبياء . وبما أنّ مفارقته قومه بلا إذن منه سبحانه - كان يمثل حال من يظن أن لا يضيّق مولاه عليه - ابتلاه الله بالحوت فالتقمه . فوقف على أنّه ترك ما هو الأولى فعلاً ، فندم على عمله ( فنادى في الظلمات أن لا إله إلاّ أنت ) . ونقل الزمخشري في كشّافه : عن ابن عباس أنّه دخل على معاوية فقال : لقد ضربتني أمواج القرآن البارحة ، فغرقت فيها ، فلم أجد لنفسي خلاصاً إلاّ بك ، قال : وما هي يا معاوية ؟ فقرأ هذه الآية وقال : أو يظن نبي الله أن لا يقدر عليه ؟