ومضافاً إلى ما يقدمه الدين من هداية للإنسان ، فهو يحقق له الاطمئنان في شخصيته فيَحِلَّ أكبر مشكلتين في حياته ، وهما : الحزن على ما يفقده ، والخوف من فقدان ما يملكه ! لأن إيمان الإنسان بالله تعالى يجعله يحصر همه في أداء واجبات عبوديته لربه ، ويعطيه الطمأنينة بأن الله تعالى سيوصله إلى خيره وسعادته ، ويقيه من الشرور والشقاء . قال الله تعالى : مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ . لِكَيْ لا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور . ( الحديد : 22 - 23 ) وقال تعالى : الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ . ( الرعد : 28 ) . إن الدين يوسع أفق الإنسان فيجعله يشمل الحياة الآخرة والخلود فيها ويطور حبه لذاته ، فيحرره من ضيق الحب المادي للذات ، ويجعله حباً لها بميزان تقوى الله تعالى والفوز برضاه وجنته . فالدين يُعلمه ترويض نفسه والسيطرة على غضبه وشهوته ، لأنه يجعله يؤمن بقانون الثواب والعقاب على كل عمل يقوم به : فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ . ( الزلزلة : 8 ) . وبذلك يضمن حقوق الفرد والمجتمع ، ويدفع الإنسان إلى الخير ، ويردعه عن الشر . والدين في المجتمع هو الإدارة الكلية لحركته في طريق التكامل ، فهو الذي يهدي مساراته وينسق بين فعالياته ، لتصب جميعها في خدمة سيره إلى تكامله المادي والمعنوي . إن الدين هو العلم الذي يوجه مسار العلوم ، والإدارة التي توجه حركة الإدارات ، والروح التي تعطي الطاقة والوجهة لكافة أفراد المجتمع .