وكانوا وما زالوا يشدون الرحال إلى زيارتها في مواسم ومراسم ، سواء من داخل البلد ، أو من بلد إلى بلد آخر . ولم يرُقْ ذلك لابن تيمية فأعلن الحرب على هذه المظاهر الدينية الشعبية ، وأفتى بأنها حرام واستدل برواية أحمد بن حنبل ( لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد ) كما رأيت . ثم صعَّد فتواه فزعم أن هذه المظاهر شركٌ يجب منعها ! وقد رد عليه علماء عصره ، ومن أبرزهم السبكي الذي كان مرجع مصر وبلاد الشام ، فألف كتابه المشهور ( شفاء السقام في زيارة خير الأنام ) . وسجنت السلطة ابن تيمية واستتابه علماء المذاهب الأربعة فتاب إلا قليلا ! كان ذلك في أوائل القرن الثامن ، وانتهى الأمر في ذلك العصر ، واستمر المسلمون على زيارة قبور الأنبياء والأولياء ( عليهم السلام ) خمسة قرون ولم يعكر صفوهم أحد ، حتى جاء شيخ نجدي هو محمد بن عبد الوهاب وقام بحركة في الجزيرة شعارها محاربة الخلافة العثمانية بمساعدة الإنكليز ، ومحاربة المسلمين بحجة أنهم مشركون بالله ، لزيارتهم قبور الأنبياء والأولياء ( عليهم السلام ) والتوسل بهم ! وقد أغار الوهابية على المشاهد المشرفة في العراق وعلى الحلة ، عدة مرات في مطلع القرن الثالث عشر الهجري ، ليستولوا على هذه المدن ويهدموا مشاهد الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) ويمنعوا المسلمين من زيارتها ، لكن العراقيين قاوموهم وهزموهم فرجعوا خائبين .