من شهر ربيع الأول سنة 436 ، فاستقل شيخ الطائفة في المرجعية ، وكانت داره في الكرخ مأوى الأمة ، وتقاطر إليه العلماء والفضلاء للحضور تحت منبره ، وبلغ تلاميذه ثلاث مائة من مجتهدي الشيعة ، وأكثر منهم من العامة ، وقد اعترف الجميع بمكانته العلمية حتى أن الخليفة القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله أحمد خصه بكرسي الكلام والإفادة ، وهو أعلى كرسي علمي في الخلافة لمن برز في علومه وتفوق على أقرانه . * * بعد إحدى عشرة سنة من زعامته العلمية ، جاءت موجة آل سلجوق وأنهوا حكم آل بويه ، وحدثت الفتن بين الشيعة والسنة ، وأمر طغرل بيك أول ملوك السلاجقة بشن حملة شعواء على الشيعة في بغداد ، وأمر بإحراق المكتبة التي أنشأها أبو نصر سابور بن أردشير ، وزير بهاء الدولة البويهي ، وكانت من دور العلم المهمة في بغداد ، بناها هذا الوزير الجليل والأديب الفاضل في محلة بين السورين في الكرخ سنة 381 ، على مثال بيت الحكمة الذي بناه هارون الرشيد ، جمع فيها ما تفرق من كتب فارس ، والعراق ، واستكتب تآليف أهل الهند والصين والروم ، ونافت كتبها على عشرة آلاف ، من مهام الأسفار وجلائل الآثار ، وأكثرها نسخ الأصل بخطوط المؤلفين ! قال ياقوت الحموي : وبها كانت خزانة الكتب التي أو قفها الوزير أبو نصر سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة بن عضد الدولة ولم يكن في الدنيا أحسن كتباً منها ، كانت كلها بخطوط الأئمة المعتبرة وأصولهم المحررة إلخ .