نام کتاب : عجائب أحكام أمير المؤمنين ( ع ) نویسنده : السيد محسن الأمين جلد : 1 صفحه : 10
في طرابلس . . . وفي المغرب مكتبات : الجامع الأعظم في القيروان ، وجامع الزيتونة في تونس ، وجامع القرويين في فاس ، والحكمة في مراكش ، والجامع الأعظم في مكناس . . . كانت هذه الدور الثقافية وأمثالها مما لا يتسع المجال لاستيعابه ، تعطي تفسيرا تاريخيا لهذه النهضة التي حملت أمتنا لواءها في العصر الوسيط ( [1] ) . ومن ثم لا تلبث جيوش هولاكو أن تندفع إلى المشرق كالإعصار المارد ، فتتهاوى حينئذ حصون الشرق الإسلامي حصنا في أثر حصن ، وانهدت صروحنا العلمية وكنوز ثقافتنا ومعالم حضارتنا ، حتى قيل : إن الكتب قد سدت مجرى دجلة ، وجاز الناس عليها ما بين شطيه كأنها جسر معقود . وهناك في أقصى المغرب لقيت مكتبة الزهراء ودور العلم بالأندلس نفس المصير الذي لقيته دور المشرق ، وإن اختلفت الأسباب . وفي ظلمة الليل الغاشي هان تراثنا على قومنا وهم في سباتهم أبان العصر التركي ، وجهلوا قدره ، فلم يعودوا يرون فيه وفي ماضينا سوى ركام هين لا قيمة له ، أو أكفان موتى وأضرحة قبور خاوية . وتزامنت إفاقة أوربا من سباتها المظلم مع ذلك التدهور التاريخي لتراثنا ، وقد أنار فكرنا الإسلامي مسرى أوربا إلى عصر نهضتها الحديثة . وما أن تمت عملية انتقال الحضارة من المشرق إلى المغرب ازداد حرص أهل الغرب على تراثنا الراحل عنا والحال لديهم ، ولم يكتفوا بما وصل إليهم من ذخائرنا بل أخذوا بتجنيد الشياطين والأبالسة ممن عد منهم أو منا لسلب ما تبقى في أيدينا كي يتسنى لهم اكتشاف سر وجودنا ، وطبيعة مزاجنا ، وملامح عقليتنا ،