ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين ، وولي عبد الملك بن مروان ، فاشتدّ على الشيعة ، وولّى عليهم الحجاج بن يوسف ، فتقرّب إليه أهل النسك والصّلاح والدّين ببغض علي وموالاة أعدائه ، وموالاة من يدّعي من الناس أنهم أيضاً أعداؤه . فأكثروا في الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم ، وأكثروا من الغضّ من علي ، ومن عيبه ، والطعن فيه ، والشنآن له . حتى أن إنساناً وقف للحجاج ، ويقال إنه جدّ الأصمعي عبد الملك بن قريب فصاح به : أيها الأمير : إن أهلي عقُّوني فسمّوني عليّاً ، وإني فقير بائس وأنا إلى صلة الأمر محتاج . فتضاحك له الحجاج وقال : للطف ما توسلت به ، قد وليناك موضع كذا . وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه [1] وهو من كبار المحدّثين وأعلامهم ، في ( تاريخه ) ما يناسب هذا الخبر وقال : إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية ، تقرّباً إليهم بما يظنّون أنهم يرغمون به أنف بني هاشم . قال المؤلّف عفا اللّه عنه : ولم يزل الأمر على ذلك سائر خلافة بني أمية لعنهم اللّه ، حتى جاءت الخلافة العباسية ، فكانت أدهى وأمر وأضرى وأضرّ ، وما لقيه أهل البيت عليهم السّلام وشيعتهم في دولتهم أعظم مما مضوا به في الخلافة الأموية كما قيل : واللّه ما فعلت أمية فيهم * معشار ما فعلت بنو العباس
[1] ترجم له الذهبي وقال : « نفطويه . الإمام الحافظ النحوي العلامة الأخباري أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان ، العتكي الأزدي الواسطي ، المشهور بنفطويه ، صاحب التصانيف . . وكان ذا سنة ودين وفتوة ومروة ، وحسن خلق ، وكيس ، مات سنة 363 » سير أعلام النبلاء 15 / 75 وتوجد ترجمته أيضاً في : تاريخ بغداد 6 / 159 ، وفيات الأعيان 1 / 47 ، المنتظم 6 / 277 ، الوافي بالوفيات 6 / 130 ، معجم الأدباء 1 / 254 ، وغيرها » .