المائة ، ومنهم من يبقى ويعمّر أكثر من المائة بكثير ، وتلك أخبار المعمّرين في الكتب مسطورة ، حتى أفردها بعضهم فألّف كتاب ( المعمّرون والوصايا ) . هذا ، وقد تكلّم غير واحد من أعلام أهل السنّة في مسألة طول عمر المهدي واعترض على الإماميّة ، ومنهم من نفى وجود الإمام المهدي من هذا الطريق ، وانبرى أصحابنا للجواب عن هذه الشبهة بوجوه كافية وأدلّة وافية ، فلا حظ الكتب المفصّلة . وأمّا قوله : « واحتجاجهم بحياة الخضر احتجاج باطل على باطل ، فمن الذي يسلّم لهم بقاء الخضر ، والذي عليه سائر العلماء المحققون أنه مات ، وبتقدير بقائه فليس هو من هذه الأمة » . أقول : الإحتجاج ببقاء الخضر إن هو إلا احتجاج بمورد من الموارد التي اقتضت الحكمة الآلهية بقاء شخص من الأشخاص في هذا العالم ، وقد قدّمنا أن هذا لا يختصّ بأمّة دون أمة ، إذ المناط القدرة الإلهيّة والحكمة المقتضية لذلك ، أمّا القدرة ، فلا ينكرها مسلم مؤمن ، وأمّا الحكمة ، فاللّه العالم بها . . . . والخضر واحد من بني آدم ، شاء اللّه عز وجل أن يبقى القرون الكثيرة حتى زمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، حيث روى غير واحد من الأئمة حديث وروده دار النبي صلّى اللّه عليه وآله بعد وفاته للتعزية ، فإنه مما يفيد أنه حيّ موجود ، كما صرح بعض الحفاظ [1] . بل لقد عنونه الحافظ ابن حجر في ( الإصابة في معرفة الصحابة ) قال : « ولم أر من ذكره فيهم من القدماء مع ذهاب الأكثر إلى الأخذ بما ورد من أخباره من تعميره وبقائه » فتكلّم عن نسبه ونبوته وبقائه على نحو التفصيل جدّاً ، وعبارته المذكورة صريحة في ذهاب الأكثر إلى بقائه .