وثمانين درهماً ، فسأله المتوكّل عن السبب فقال : لقوله تعالى : ( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَة ) ، وكانت المواطن هذه الجملة ، فإن النبي صلّى اللّه عليه وآله غزا سبعاً وعشرين غزاة وبعث ستاً وخمسين سرية . قال المسعودي : نميَ إلى المتوكّل بعلي بن محمد أن في منزله سلاحاً من شيعته من أهل قم ، وأنه عازم على الملك ، فبعث إليه جماعة من الأتراك فهجموا على داره ليلاً فلم يجدوا شيئاً ، ووجدوه في بيت مغلق عليه وهو يقرأ وعليه مدرعة من صوف ، وهو جالس على الرمل والحصباء ، متوجّه إلى اللّه تعالى يتلو القرآن ، فحمل على حالته تلك إلى المتوكّل ، فأدخل عليه وهو في مجلس الشراب والكأس في يد المتوكّل فأعظمه وأجلسه إلى جانبه وناوله الكأس ، فقال : واللّه ما خامر لحمي ودمي قط فاعفني فأعفاه ، وقال له : أسمعني صوتاً فقال عليه السلام : ( كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّات وَعُيُون . . ) الآيات . . فقال : أنشدني شعراً فقال : إني قليل الرواية للشعر . فقال : لا بدّ من ذلك ، فأنشده : باتوا على قُلل الأجبال تحرسُهم * غُلْبُ الرجال فما أغنتهم القلل واستُنزلوا بعد عزّ من معاقلهم * وأسكنوا حفراً يا بئس ما نزلوا ناداهم صارخٌ من بعد دفنهم * أين الأساورُ والتيجانُ والحُلل أين الوجوهُ التي كانت منعّمةً * من دونها تُضرب الأستار والكلل فأفصح القبر عنهم حين سائلهُ * تلك الوجوه عليها الدود يقتتل قد طال ما أكلوا دهراً وما شربوا * فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا فبكى المتوكّل حتى بلّت دموعه لحيته . وكان ولده الحسن العسكري عليه السلام عالماً فاضلاً زاهداً ، أفضل أهل زمانه ، روت عنه العامة كثيراً . وولده مولانا الإمام المهدي محمد عليه السلام روى ابن الجوزي بإسناده إلى ابن عمر : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : « يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي