أبو العباس يكلّم رجلاً من المالكيين ، إذ دخل عليه رجل معه كتاب مختوم ، فدفعه إلى القاضي أبي العباس فقرأه على الجماعة ، فإذا هو من جماعة الفقهاء المقيمين ببلاد الشاش ، يعلمونه أن الناس في ناحيتهم أرض الشاش وفرغانة مختلفون في أصول فقهاء الأمصار ممن لهم الكتب المصنفة والفتيا ، ويسألونه رسالة يذكر فيها أصول الشافعي ومالك وسفيان الثوري وأبي حنيفة وصاحبيه وداود بن علي الأصبهاني ، وأن يكون ذلك بكلام واضح يفهمه العامي . فكتب القاضي هذه الرسالة ، ثم أملى فيما ذكر المسعودي عليهم بعضها وعجز لضعفه عن إملاء الباقي ، فقرئ عليه والمسعودي يسمع » [1] . 5 - فهذه ترجمة المسعودي . . . وكتابه ( مروج الذهب ) . . . على لسان هؤلاء الأكابر ، وأنت لا تجد فيها مطعناً فيه ولا في كتابه . . . بل إنه فقيه شافعي غلب عليه التاريخ وذكر أخبار الناس . . . . ومع كلّ هذا . . . فقد أورده الحافظ ابن حجر في ( لسان الميزان ) لا لعيب فيه وإنما لاشتمال كتبه على فضائل لعلي وأهل البيت عليهم السّلام ! قال : « وكتبه طافحة بأنه كان شيعياً معتزلياً ، حتى أنه قال في حق ابن عمر أنه امتنع من بيعة علي بن أبي طالب ثم بايع بعد ذلك يزيد بن معاوية والحجاج لعبد الملك بن مروان . وله من ذلك أشياء كثيرة . ومن كلامه في حق علي ما نصّه : الأشياء التي استحقّ بها الصحابة التفضيل : السّبق إلى الإيمان والهجرة مع النبي صلّى اللّه عليه وآله والنصر له والقرابة منه ، وبذل النفس دونه ، والعلم ، والقناعة ، والجهاد ، والورع ، والزهد ، والقضاء ، والفتيا . وإن لعلي من ذلك الحظ الأوفر والنصيب الأكبر ، إلى ما ينضم إلى ذلك من خصائصه بآخرته وبأنه أحبّ الخلق ، إلى غير ذلك » [2] .