ويمتحنه ، وإن الجواد خرج عن الجميع ، وهو حديث طويل ذكره المفيد في كتاب الإرشاد ، واللّه أعلم » [1] . وهنا قال ابن تيمية : « وأمّا ما ذكره ، فإنه من نمط ما قبله ، فإن الرافضة ليس لهم عقل صريح ولا نقل صحيح ، ولا يقيمون حقاً ولا يهدمون باطلاً ، لا بحجّة وبيان ولا بيد وسنان ، فإنه ليس فيما ذكره ما يثبت فضيلة محمد بن علي فضلاً عن ثبوت إمامته . فإن هذه الحكاية التي حكاها عن يحيى بن أكثم من الأكاذيب التي لا يفرح بها إلا الجهّال ، ويحيى بن أكثم كان أفقه وأعلم وأفضل من أن يطلب تعجيز شخص بأن يسأله عن محرم قتل صيداً ، فإن صغار الفقهاء يعلمون حكم هذه المسألة ، فليست من دقائق العلم ولا غرائبه ، ولا مما يختصّ به المبرّزون في العلم ، ثم مجرّد ما ذكره ليس إلا في تقسيم أحوال القاتل ، ليس فيه بيان حكم هذه الأقسام ، ومجرّد التقسيم لا يقتضي العلم بأحكام الأقسام » [2] . أقول : ما أكثر المطالب التي كذَّبها الرجل بصراحة وأثبتناها ، والحمد للّه . ودلالة هذه القضيّة على كونه عليه السلام أعلم وأفقه من قاضي قضاتهم ، واضحة لا ينكرها إلا مكابر . . . والأعلميّة المطلقة تقتضي الإمامة المطلقة كما لا يخفى . ثم إن العلاّمة رحمه اللّه قد اختصر الخبر ، ولو راجع ابن تيمية ( الإرشاد ) للمفيد البغدادي أو غيره من الكتب ، لوجد فيه بيان حكم الأقسام بطلب من المأمون ، وأنه سأل بعد ذلك - بطلب منه كذلك - يحيى بن أكثم عن مسألة ، فاعترف يحيى بجهله بها ، وطلب من الإمام عليه السلام بيانها . . . ونحن نحيل القارئ إلى الكتاب المذكور لئلاّ يطول بنا المقام [3] .
[1] تذكرة الخواص : 359 . [2] منهاج السنّة 4 / 69 . [3] الإرشاد في معرفة حجج اللّه على العباد 2 / 281 .