بالحديث الذي تضمّنه الشعر ، ولا سيما إذا كان قائله من رواة الحديث أيضاً . ورابعاً : إن هذا الشعر وغيره ممّا قاله أبو نؤاس في مدح الإمام الرضا عليه السلام ، مذكور بترجمة الإمام ولغرض المدح له ، من قبل كبار العلماء الأجلاّء المتقدّمين على العلاّمة رحمه اللّه والمعاصرين له والمتأخرين عنه كما سنرى ، فلولا صحة الاستشهاد به عندهم ، قولاً وقائلاً ، لما كان ذلك منهم يقيناً . وخامساً : إن السبب الحقيقي لكلام الرجل هذا - ومع الالتفات إلى الوجوه التي ذكرناها - هو : إن أبا نؤاس من الشعراء المحبّين لأهل البيت عليهم السّلام ، وأشعاره في الإمام الرضا وآبائه تدلّ على مدح عظيم لهم ، وابن تيمية يكره المحبّ لأهل البيت المتجاهر بالمدح لهم . . . وأمّا ما اشتهر عن أبي نؤاس من المجون والخلاعة ، فقد ذكروا أنه في الأغلب مما لا أصل له ، على أن ذلك لو كان ، فقد كان في أوّل العمر ، وقد ثبت عنه التوبة في آخره كما نصّ عليه ابن الجوزي . ترجمة أبي نؤاس وهو : الحسن بن هاني ، ولد بالأهواز أو البصرة في سنة 136 ، أو 145 ، وتأدّب على أبي زيد وأبي عبيدة ، وقرأ كتاب سيبويه ولزم خلف الأحمر ، وصحب يونس بن حبيب الجرمي النحوي ، وتلا القرآن على يعقوب . وروى الحديث عن : أزهر بن سعد ، وحمّاد بن زيد ، وحمّاد بن سلمة ، وعبد الواحد بن زياد ، ومعتمر بن سليمان ، ويحيى القطان . وحدّث عنه جماعة من الأئمة ومشاهير العلماء ، منهم : الشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وغندر . وكان يقال : الشافعي شاعر غلب عليه الفقه ، وأبو نؤاس فقيه غلب عليه الشعر . وقد أثنى عليه غير واحد من كبار الأدباء والمتكلّمين ، كالأصمعي والجاحظ