وقال الزرقاني بشرح ( المواهب اللدنية ) : « وروي عن ابن مسعود - رفعه - : إنما سمّيت فاطمة بإلهام من اللّه لرسوله - إن كانت ولادتها قبل النبوة ، وإن كانت بعدها فيحتمل بالوحي - لأن اللّه قد فطمها - من الفطم وهو المنع ، ومنه فطم الصبي - وذريّتها عن النار يوم القيامة . أي : منعهم منها ، فأمّا هي وابناها فالمنع مطلق ، وأمّا من عداهم فالممنوع عنهم نار الخلود ، فلا يمتنع دخول بعضهم للتطهير . ففيه بشرى لآله صلّى اللّه عليه وآله بالموت على الإسلام ، وأنه لا يختم لأحد منهم بالكفر . نظيره ما قاله الشريف السمهودي في خبر الشفاعة لمن مات بالمدينة ، مع أنه يشفع لكلّ من مات مسلماً . أو : إن اللّه يشاء المغفرة لمن واقع الذنوب منهم إكراماً لفاطمة وأبيها صلّى اللّه عليه وآله . أو : يوفقهم للتوبة النصوح ولو عند الموت ويقبلها منهم . أخرجه الحافظ الدمشقي ابن عساكر . وروى الغساني والخطيب وقال : فيه مجاهيل ، مرفوعاً : ( إنما سميت فاطمة لأن اللّه فطمها ومحبيها من النار ) ففيه بشرى عميمة لمن أحبها . وفيه التأويلات المذكورة . وأمّا ما رواه أبو نعيم والخطيب : ( أن عليّاً الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصّادق سئل عن حديث : إن فاطمة أحصنت فرجها فحرمها اللّه وذريّتها على النار . فقال : خاصّ بالحسن والحسين ) . وما نقله الأخباريون عنه من توبيخه لأخيه زيد حين خرج على المأمون . . . . فهذا من باب التواضع والحثّ على الطاعات وعدم الاغترار بالمناقب وإن كثرت . . . وإلاّ فلفظ ذريّة لا يخصّ بمن خرج من بطنها في لسان العرب ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ الآية . . ) وبينهم وبينه قرون كثيرة ، فلا يريد بذلك مثل علي الرضا مع فصاحته ومعرفته لغة العرب . على أن التقييد بالطائع يبطل خصوصية ذريّتها ومحبّيها . إلا أن يقال : للّه تعذيب الطائع ، فالخصوصيّة أن لا يعذّبه إكراماً لها . واللّه أعلم .