وأعلم أن طريق صاحبي لا يؤدّيه إلى الكوفة وليس بآمن . فإن الثالث إن تابع الأوّل عدَّه العقلاء سفيهاً ، وإن تابع الثاني نسب إلى الأخذ بالحزم . الوجه الرابع إن الإماميّة أخذوا مذهبهم عن الأئمة المعصومين عليهم السّلام ، المشهورين بالفضل والعلم والزهد والورع ، والاشتغال في كلّ وقت بالعبادة والدعاء وتلاوة القرآن ، والمداومة على ذلك من زمن الطفولة إلى آخر العمر ، ومنهم تعلّم الناس العلوم ونزل في حقهم : هَلْ أتَى ، وآيةُ الطهارة ، وإيجاب المودة لهم ، وآية الابتهال ، وغير ذلك . وكان علي عليه السلام يصلّي في كلّ يوم وليلة ألف ركعة ويتلو القرآن ، مع شدّة ابتلائه بالحروب والجهاد : فأوّلهم علي بن أبي طالب عليه السلام ، كان أفضل الخلق بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، وجعله اللّه تعالى نفس رسول اللّه حيث قال : ( وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ) . وآخاه الرسول صلّى اللّه عليه وآله ، وزوّجه ابنته وفضْلُهُ لا يخفى . وظهرت عنه معجزاتٌ كثيرة حتى ادّعى قوم فيه الربوبيّة وقتلهم ، وصار إلى مقالتهم آخرون إلى هذه الغاية ، كالنصيرية والغلاة . وكان ولداه سبطا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله سيّدا شباب أهل الجنة ، إمامَيْن بنصّ النبي صلّى اللّه عليه وآله ، وكانا أزهد الناس وأعملهم في زمانهم ، وجاهدا في سبيل اللّه حتى قتلا ، ولبس الحسن عليه السلام الصوف تحت ثيابه الفاخرة ، من غير أن يشعر أحداً بذلك . وأخذ النبي صلّى اللّه عليه وآله يوماً الحسين عليه السلام على فخذه الأيمن ، وولده إبراهيم على فخذه الأيسر ، فنزل عليه جبرئيل عليه السلام وقال : إن اللّه لم يكن