إبراهيم ، وعلى فخذه الأيمن الحسين بن علي ، تارة يقبل هذا وتارة يقبل هذا ، إذ هبط عليه جبريل عليه السلام بوحي من ربّ العالمين ، فلمّا سرى عنه قال : أتاني جبريل من ربي فقال لي : يا محمد ، ربّك يقرأ عليك السلام ويقول لك : لست أجمعهما لك ، فافد أحدهما بصاحبه . فنظر النبي صلّى اللّه عليه وآله إلى إبراهيم فبكى ، ونظر إلى الحسين فبكى ، ثم قال : إن إبراهيم أمّه أمة ، ومتى مات لم يحزن عليه غيري ، وأم الحسين فاطمة ، وأبوه علي ابن عمي ، لحمي ودمي ، ومتى مات حزنت ابنتي فاطمة وحزن ابن عمي وحزنت أنا عليه ، وأنا أوثر حزني على حزنهما . يا جبريل تقبض إبراهيم ، فديته بإبراهيم . قال : فقبض بعد ثلاث . فكان النبي صلّى اللّه عليه وآله إذا رأى الحسين مقبلاً قبّله وضمّه إلى صدره ورشف ثناياه وقال : فديت من فديته بابني إبراهيم » [1] . أقول : وا بن تيميّة راجلٌ في علم الحديث ، فيقلّد - في الأغلب - ابن الجوزي في طعنه في مناقب أهل البيت عليهم السّلام ، وقد أدرج ابن الجوزي - كعادته - هذا الحديث في كتاب الموضوعات [2] ، لأن راويه - وهو أبو بكر ابن النقّاش - قد كذّبه الرجاليّون . وأهل العلم يعلمون بأنّ ابن الجوزي متسرّع في رمي الأحاديث بالوضع ، ولذا تكلّم غير واحد من الحفّاظ فيه وفي كتابه المذكور ، وسنتعرّض لذلك في محلّه المناسب . هذا أوّلاً . وثانياً : لقد وجدناهم في كثير من المواضع ، يعتمدون على رواية النقاش وأقواله في الأحاديث والرّجال ، ممّا يدلُّ على أنّ لتكلّمهم فيه سبباً آخر ، فحاله حال الحافظ ابن خراش الّذي تكلّموا فيه واعتمدوا عليه كثيراً . وللكلام عن مثل هذه الأمور مجال آخر .
[1] تاريخ بغداد 2 / 200 - 201 . [2] كتاب الموضوعات 1 / 407 .