وبما أن الآية الكريمة تدلّ على عصمة أولي الأمر بلا خلاف - كما اعترف الرازي بتفسيرها [1] - ولم تثبت العصمة إلا للأئمة الاثني عشر من أهل البيت عليهم السّلام ، لآية التطهير وغيرها من الأدلّة ، فالمراد من أولي الأمر هم الأئمة الإثنا عشر عليهم السلام من أهل البيت . هذا ، مضافاً إلى الأحاديث الواردة التي فيها النصّ على إمامتهم بأسمائهم عن جدّهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله . فإن قلت : إنه لم يتولّ منهم إلاّ الواحد أو الاثنان . قلت : ليس المراد الاستيلاء على الأمور بالفعل ، حتى إذا لم يتحقق ذلك انتفت إمامتهم ، لأن الواجب على الأمّة هو الرجوع إلى الإمام المنصوص عليه وتفويض الأمور إليه ، وليس تركهم لهذا الواجب يوجب سقوط الإمام عن الإمامة ، كما أن خروج الناس عن الطاعة للّه وللرسول لا يضرّ الألوهيّة والرسالة شيئاً . ثم إن الرجل لم ينكر ما ذكره العلاّمة ، بل ذكر أحاديث ثم قال : « فهذا أمر بالطاعة مع ظلم الأمير » ، وقال : « هذا نهي عن الخروج على السلطان وإن عصى » [2] . أقول : وهل تنهى هذه الأحاديث على فرض صحتها ، عن المخالفة وتأمر بالطّاعة حتى مع القدرة على الخروج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ إن كان كذلك ، فهي أحاديث مخالفة للكتاب والسنّة ، ولا بدّ من ضربها عرض الجدار ، لكنها أحاديث موضوعة بأمر من أمراء الجور وسلاطين الباطل أنفسهم ، وتفصيل الكلام في محلّه . ولذا نقرأ بتراجم كثيرين من أئمتهم كأبي حنيفة وجوب القيام ضدّ أئمة الباطل وخلفاء الجور ، وأن كثيرين منهم قاموا وخرجوا بالفعل ، فراجع .
[1] تفسير الرازي 10 / 144 . [2] منهاج السنة 2 / 87 .