ولم يكن هذا بذاك الغموض حتى لا يفهمه ابن تيمية ، فيورد عليه بما لا طائل تحته ، ويستدلّ - على أن الإيمان باللّه ورسوله أهمّ [1] - بما لا حاجة إليه . قال قدس سره : التي يحصل بسبب إدراكها نيلُ درجة الكرامة . الشرح : قال اللّه تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) [2] فبالتقوى والكون مع الصادقين تُنال درجة الكرامة ، وكلّما يكون الإنسان أقرب إلى الصادقين بالجنان والجوارح يكون أكثر عبودية للّه وامتثالاً له في أوامره ونواهيه ، فيكون أتقى ، ومن كان أتقى كان أكرم ، كما في الآية المباركة ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أَتْقَاكُمْ ) [3] . وبالجملة ، إذا أدرك الإمامة وعرف الإمام ائتمّ به ، فكان هذا الإدراك سبباً لنيل درجة الكرامة ، وكلّما كان الانقياد أكثر كانت درجة الكرامة أعلى وأرفع . فهذا شرح هذا الكلام والدليل عليه ، وهكذا يسقط قول ابن تيمية من « أنّ مجرد معرفة إمام وقته وإدراكه لا يستحق به الكرامة . . . » . قال قدس سره : وهي أحدُ أركان الإيمان ، المستحَقّ بسببه الخلود في الجنان ، والتخلّص من غضب الرحمن . . . . الشرح : وهذه هي الكرامة التي لا تحصل ، بعد الإيمان باللّه ورسوله صلّى اللّه عليه وآله إلا بإدراك ( الإمامة ) ، ولذا كانت أحد أركان الإيمان ، بحيث تنتفي ( الكرامة ) بانتفاء أحدها . فإن قيل : فالإمامة آخر المراحل ، فكيف تكون أهم وأشرف ؟
[1] منهاج السنة 1 / 75 . [2] سورة التوبة : 119 . [3] سورة الحجرات : 13 .