تحقق كل ما هو مراد محبوب ، والحكمة من حب البقاء هي الاستمرار في العمل ، تماما كالحكمة من الأمل . 2 - قد رأينا ظالما لا تنتصف منه الطبيعة ، والعدالة البشرية ، ومطلوبا يذهب حقه هدرا في هذه الحياة ، إذن لا بد من حياة أخرى تقوم فيها العدالة الآلهية . وهذا الدليل يرجع في حقيقته إلى قدرة الله وعدالته تعالى : وقال الفلاسفة الذين لا يربطون بقاء الروح بالجزاء ولا بالحب ولا بأية فكرة ، قالوا : ( إن النفس بسيطة غير مركبة من أجزاء ، كي تفسد بالانحلال ، ولا هي عرض قائم بغيره ، كي تذهب بذهاب المحل الذي قامت فيه ، وعرضت له ، وإنما هي الحياة بطبيعتها ، وعليه فلا تكون قابلة للفساد بحال ، وبكلمة أن النفس ليست كما ولا كيفا ، وإنما هي جوهر بسيط قائم بذاته ، وما كان كذلك لا يقبل الفساد والانحلال إطلاقا ، فهي إذن خالدة . ويعتمد هذا الدليل على منطق العقل ، والتأمل النظري ، وعليه فلا يكون الإيمان بخلود النفس إيمانا دينيا ، بل يقينا فلسفيا يقره الدين ويباركه . ومما استدل به صدر المتألهين في كتاب ( المبدأ والمعاد ) على أن النفس لا تموت بموت البدن إنه لا تعلق ذاتي بينهما ، ولا ارتباط عقلي ، بل معية ومصاحبة ليس إلا ، لأن أحدهما ليس بعلة حقيقية للآخر ، ولا هما معلولان لعلة ثالثة فلا يوجب فساد أحدهما فساد الآخر . ثم قال : ( ومما يدل على بقاء النفس بعد فساد البدن اتفاق أصحاب الشرايع والملل على ذلك ، إذ ما من ملة إلا وفيها وعد ووعيد أخرويان في الأفعال والأعمال الحسنة والقبيحة ، وأيضا يدل على فعل الأنبياء ( ع ) وخلفائهم ، ومن يرى مثل رأيهم من الفلاسفة والبراهمة ، لأنهم يتهاونون بأمر الأجساد ، ويرون أن هذه الأبدان المظلمة