الإدراك ينشأ من حركة ذرات الجسم ) . ومعنى هذا أن كل فكرة أيا كان نوعها فهي وليدة تجمع الذرات وجذبها ودفعها ، واستدلوا بأنه لو حصل مانع من تجمع هذه الذرات وتركيبها وتفاعلها لذهب الفكر أو اضطرب ، كالراديو لا يلتقط الصوت إذا عطب ، ووقع فيه أدنى خلل . وهذا الدليل هو العمدة ، وما عداه يرجع إليه ، أو أضعف منه . الجواب : أولا أننا نتساءل لماذا تخطر للعالم أفكار نافعة دون الجاهل ، مع أن تفاعل الذرات متحقق في الدماغين ؟ ! ثم لماذا يحتاج اكتشاف النظريات إلى تفكير عميق ، وانتباه حاد ، وبراعة في التحليل ، وانصراف عن كل شاغل مع أن تجمع الذرات وتفاعلها ، والجهاز العصبي هو هو لم يطرأ عليه شئ في جميع الحالات ، ولو كان هو الأصل للتفكير لما أحتاج الأمر ، إلى ذلك ، ولما اختلفت حال عن حال ؟ ! وبعد هذا التساؤل نجيب بأن تأثير الأفكار والشعور على البدن أقوى بكثير من تأثير البدن على الفكر ، فلقد رأينا أن المجهود العقلي ، والتفكير المتواصل يضعف الأعضاء وتسوء معه الصحة . قال الأطباء : إن العمل العقلي مع الجهد قد يؤدي إلى تعطيل الدفاع ، أو اضطرابه ، وذلك بتوارد الدم إليه ، ورأينا أن للحزن والخوف تأثيرا كبيرا على البدن ، كما أننا بالإرادة نكبح الكثير من غرائزنا ، ونخضع البدن إلى مقتضيات الكمال ، ونضحي به في سبيل المبادئ والعقائد . إن تدبير الفكر للبدن ، وتحكم الإرادة به يدلان بوضوح على أصالة الفكر ، وأنه ليس فرعا عن البدن ، لأن الفرع لا يسير الأصل ولا يتحكم به أما العلاقة بين الظواهر الفكرية والحياة البدنية ، فإن دلت على شئ ، فإنما