العين والأذن والأنف ، ولذا قيل : ( من فقد حسا فقد علما ) . إذن ، القول بأن النفس ترى بواسطة العين ليس بأولى من القول بأن العين ترى بواسطة النفس ، أو لا أقل من إسناد الاحساس إليهما معا ، واعتبارهما جزأين لجوهر واحد ، يتحدان اتحاد الهيولى والصورة . الجواب : إن النفس هي التي تتصرف بالجسم وأعضائه ، ولا عكس ، فأنت بنفسك إن شئت نظرت وشممت وسمعت ولمست وفعلت ، وإن لم تشأ لم يكن من ذلك شئ ، فالسلطان للنفس على الأعضاء ولا سلطان للأعضاء على النفس بحال . ومن هنا كانت هي الفاعل حقيقة ، وكان الجسم آلة وأداة لا غير ، تماما كما هي الحال في النجار وآلاته ، والفرق بينهما : أن تعلق النفس بالبدن طبيعي ذاتي ، وتعلق النجار بآلاته عرضي خارجي . وبهذا يتبين معنا أن تعلق النفس بالبدن تعلق التدبير والتصرف من غير أن تكون جزءا منها ، أو يكونا جزأين لكل . أما القول الشائع من أن الإنسان مركب من جسم وروح فلا يحمل على حقيقته ، وإنما المراد منه أن للانسان روحا قائمة بذاتها ، وتعرف بآثارها ، كما أن له جسما نعرفه بالمشاهدة والعيان . مع الماديين ثانية . أشرنا في فصل ( تجريد النفس ) إلى قول الماديين ، وذكرنا ما يرد على قولهم من المحاذير ، والأدلة التي تثبت وجود النفس وتجردها عن المادة ونعود الآن لنستقبل آراءهم مرة ثانية ، ونشير إلى ما فيها بتجرد ليكون المشايعون لهم على بينة من أخطائهم وأوهامهم . قال ( هو بس وهيوم ) ، وغيرهما من أئمة الماديين وأقطابهم : ( إن