وقت واحد . بيد أن عرفانها واجب على كل كائن ذي وعي وتمييز وبصيرة ، لأنها مصدر سائر المعارف والعلوم حتى العلم بالله . أما الجهل بها وبأحوالها وبسياستها ، فهو نبع كل ضعف ، وكل نقص وكل خيبة ، في هذه الحياة وفي الحياة الآجلة . وفوق هذا وذاك ، فإن معرفة النفس سر القوة والسعادة والانسجام مع الحياة ، لأن النفس هي المجلي الأعظم لسائر ألوان المعرفة ، من علم وفلسفة وفن ودين . ولا معنى لكل ذلك إلا أن تكون النفس الإنسانية : مهبط الهدى والخير والعلم والحكمة . أو أن مثار الجهل والضلال والشقاء والشر . كيف لا ! والنفس أس كل قوة وكل ضعف يبدوان في الإنسان . وهي مبعث كل صلاح أو فساد يطرآن على ذلك الكائن البشري . ثم يقوم على سلامة النفس أو سقمها توازن الشخصية الإنسانية أو اضطرابها . فهي مقياس صحة الإنسان أو مرضه ، وسعادته أو شقائه ، وصلاحه أو طلاحه . وإذن ، فالعلم بالنفس يقدم على كل علم كما ، أن الجهل بها يذهب بثمار كل معرفة . أو ليست النفس مبعث وملتقى الايحاء بالرفعة أو الضعة ، والاقتدار أو العجز ، والخير أو الشر ، والإيمان أو الكفر ، في وقت واحد وفي شخصية واحدة وهل تطيب للانسان حياة إذا فقدت نفسه ألفتها وانسجامها ، فاضطربت وتبلبلت ؟ وهل يصفو له عيش إلا إذا صحت نفسه فتوازنت وهدأت واطمأنت ؟ حقا إن بين النفس والجسد ، لتقابل وتكافؤ في التأثير والتأثر المتبادلين - قوة وضعفا ، وصحة ومرضا - ولكن أشدهما سيطرة ، وأعظمهما تأثيرا في الحالين ، هي النفس دون الجسد . فإذا انسجما - النفس والجسد - وتعاونا ،