الصالحة ، وتربيتك الحسنة ، وأنني لو بذلت جميع ما ملكت يدي في سبيل راحتك ورضاك لكان ضئيلا . فاغرورقت عينا الوالد بدموع الفرح ، وامتزجت بدموع ولده وقال بصوت تخنقه العبرات : بارك الله لك يا ولدي بمالك ، وجعلك سعيدا في دنياك وآخرتك . مضت سنوات عدة والولد لا يألوا جهدا في خدمة أبيه ، ويبالغ في إكرامه والإحسان إليه ، ثم أخذه إلى مكة وسعد بخدمته ، وأديا فريضة الحج معا ، ثم عادا براحة وسرور عظيمين ، ولم يزل الولد يحنو على والده ، ويحوطه برعايته ويشمله بعنايته ، ويتسقط مواضع مرضاته ، حتى وافاه أجله ، فأسلم الروح إلى خالقها ، ولسانه رطب بالدعاء لولده ، مكررا قوله : " اللهم بارك له في ماله وسره في أولاده ، واجعله سعيدا في دنياه وآخرته " . استجيبت دعوة الوالد ، وها هو الولد يتقلب بنعيمها حتى يومنا هذا " . كلنا يعلم ما يلاقيه الآباء في سبيل أبناءهم من شدائد وصعوبات ، ولكن الكثير منا يجهل مكانة الآباء ومنزلتهم عند الله . وقد أفاض أهل البيت ( سلام الله عليهم ) في بيان حقوق الأبوين على الأبناء ووجوب شكرهم وطاعتهم إلا فيما يغضب الله سبحانه ، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . وأكتفي هنا بنقل فقرات من دعاء الإمام ( زين العابدين ) ( عليه السلام ) المذكور في الصحيفة السجادية ، ( وهي أثمن تراث إسلامي بعد القرآن على الإطلاق ) ، وما قرأها إنسان ( من أي لون كان ) إلا نقلته إلى أجواء يشعر معها بنشوة لا عهد لأهل الأرض بمثلها . ومن الذي يقرأ قول الإمام : " اللهم اجعلني أهابها هيبة السلطان