تؤثر في علاقات الناس بعضهم ببعض في كل مجال النشاط في الأرض ، والتي تكيف ضمير الفرد وواقع المجتمع ، والتي تجعل المعاملات عبادات - بما فيها من مراقبة لله - والعبادات قاعدة للمعاملات - بما فيها من تطهير للسلوك - والتي تحيل الحياة في النهاية وحدة متماسكة مردها كلها إلى الله . هذه السمة الأساسية في العقيدة الإسلامية ، تبرز في تصدير آية الإحسان إلى الوالدين والأقربين وغيرهم من طوائف الناس ، بعبادة الله وتوحيده ، ثم في الجمع بين قرابة الوالدين وقرابة هذه الأصناف كلها من طوائف البشر ، متصلة هذه وتلك بعبادة الله وتوحيده . وذلك بعد أن جعل هذا التوحيد وتلك العبادة واسطة ما بين دستور الأسرة القريبة ودستور العلاقة البشرية الواسعة ، ليصلها جميعا بتلك الآصرة التي تضم الأواصر جميعا . " واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا " . . شيئا . . ليكون النهي أعم ، ولكي ينزل ما سوى الله في مجال العبادة منزلة الشئ حتى لو كان عاقلا ! ثم ينطلق إلى الإحسان للوالدين على التخصيص ، ولذي القربى على التعميم ومعظم الأوامر تتوجه إلى توصية الذرية بالوالدين بالبر والإحسان إليهما ابتغاء مرضاة الله لا رياءا واختيالا ومباهاة . لذلك نرى الإمام ( سلام الله عليه ) - بهذا التنويع في العرض والتجديد في الأسلوب ، وبهذا التعبير المبدع - يعالج العلاقة بين الوالد والولد . ويصور هذه العلاقة صورة موحية ، فيها انعطاف ورقة . فما يريد للولد إلا الخير ، ولا يرى له إلا النصح ، النصح الذي مبرأ من كل شبهة ، بعيد من كل ظنة ؟ إلا أنه الحقيقة القديمة التي تجري على لسان كل من آتاه الله الحكمة من الناس .